وَفِي الحَدِيث أَن من الْعلم جهلا قَالَ ابْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة قيل فِي تَفْسِيره وَهُوَ أَن يتَعَلَّم مَا لايحتاج إِلَيْهِ كَالنُّجُومِ وعلوم الْأَوَائِل ويدع مَا هُوَ مُحْتَاج اليه فِي دينه من علم الْقُرْآن وَالسّنة وَقَالَ تَعَالَى {وَلَو جَعَلْنَاهُ ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عَلَيْهِم مَا يلبسُونَ} وَعلم آدم الاسماء دون الْمَلَائِكَة وآتانا من الْعلم قَلِيلا مَعَ قدرته على أَن يؤتينا كثيرا فَقَالَ فِي ذَلِك {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} يُوضحهُ قَول الْخضر لمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام مَا علمي وعلمك وَعلم جَمِيع الْخَلَائق فِي علم الله إِلَّا كَمَا أَخذ هَذَا الطَّائِر بمنقاره من هَذَا الْبَحْر وَقَالَ لمُوسَى أَنا على علم من علم الله لَا يَنْبَغِي لَك أَن تعلمه وَأَنت على علم من علم الله لَا يَنْبَغِي لي أَن أعمله فَدلَّ ذَلِك كُله على أَنه لَا يَنْبَغِي لعاقل أَن يتَعَرَّض لعلم مَا لم يعلمنَا الله وَرَسُوله ويتضح معقوله ومنقوله لقَوْل الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا وَإِلَى ذَلِك الْإِشَارَة بقوله تَعَالَى {قل هاتوا برهانكم هَذَا ذكر من معي وَذكر من قبلي} وَهَذِه الْآيَة دَالَّة على أَن كتب الله لَا تَخْلُو من الْبَرَاهِين الْمُحْتَاج اليها فِي أَمر الدّين كَمَا سَيَأْتِي فِي هَذَا الْمُخْتَصر مستوعبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَفِي قَول الْمَلَائِكَة لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا إِشَارَة إِلَى ذَلِك بل دلَالَة وَاضِحَة لأَنهم حِين قطعُوا على فَسَاد آدم مَعَ اخبار الله تَعَالَى لَهُم أَنه مستخلفه فِي الأَرْض إِنَّمَا أَتَوا من خوضهم فِيمَا لم يعلمهُمْ الله تَعَالَى إِذْ لَو كَانَ من تَعْلِيم الله مَا أخطأوا فِيهِ فَلَمَّا تبين لَهُم خطأهم نظرُوا من أَيْن جَاءَهُم الْخَطَأ على علو مَنْزِلَتهمْ فعرفوا أَنهم أخطأوا لما تعرضوا لعلم مَا لم يعلمهُمْ الله