الْوَجْه الثَّالِث إِن أهل السّنة كلهم قد وافقوا على أَن أفعالنا لَا تسمى مخلوقة من حَيْثُ نسبت الينا وَإِنَّمَا تسمى بذلك من حَيْثُ نسبت إِلَى الله تَعَالَى ففارقوا الجبرية فِي الْمعَانِي مُفَارقَة بعيدَة وقاربوهم فِي الْعبارَات مقاربة كَثِيرَة حَتَّى غلط عَلَيْهِم خصومهم بِسَبَب ذَلِك ونسبوهم إِلَى الْجَبْر فَيَنْبَغِي مِنْهُم وَمِمَّنْ ينصر مَذْهَبهم تجنب الْعبارَات الَّتِي توهم مَذْهَب الجبرية ليتم بذلك نزاهتهم مِنْهُ حَتَّى لَا يحْتَج عَلَيْهِم بِتِلْكَ الْعبارَات جبري وَلَا معتزلي وَلَا يغلط بِسَبَبِهَا عَامي وَلَا سني فقد وَقع بِسَبَبِهَا خبط كثير وَغلط فَاحش وَقد قَالَ الله تَعَالَى {لَا تَقولُوا رَاعنا وَقُولُوا انظرنا} لما وَقع فِي أحد اللَّفْظَيْنِ من الْمفْسدَة دون اللَّفْظ الآخر فلنتكلم مَعَ كل فرقة من فرقهم