للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فَهِيَ معمولة مصنوعة حَقِيقَة وَقد يُسمى الْمَعْمُول عملا مجَازًا وَحَقِيقَة عرفية وَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى ذَلِك فكونها معمولة كَاف فِي ذَلِك

وأصل ذَلِك أَن فعل العَبْد يَنْقَسِم إِلَى مَا يكون لَازِما فِي مَحل الْقُدْرَة مثل حَرَكَة يَد الصَّانِع وَإِلَى مَا يتَعَدَّى إِلَى مخلوقات الله تَعَالَى مثل تَصْوِير الصَّانِع الَّذِي يبْقى أَثَره فِي الْحِجَارَة وَغَيرهَا وَهُوَ الَّذِي منع ثُمَامَة المعتزلي والمطرفية أَن تكون فعلا للْعَبد فالآية تحْتَمل بِالنّظرِ إِلَى لَفظهَا ثَلَاثَة أَشْيَاء أَحدهَا أَنه تَعَالَى خلق جَمِيع أَفعَال الْعباد على الْعُمُوم كَمَا قَالَ الْمُخَالف الثَّانِي أَنه خلق الاصنام الَّتِي هِيَ معمولات الْعباد ومصنوعاتهم لما فِيهَا من أثر تصويرهم وتشكيلهم

الثَّالِث أَنه خلق الاصنام الَّتِي فِيهَا عَمَلهم وتصويرهم وعَلى هَذَا الثَّالِث يكون التَّقْدِير وَمَا تَعْمَلُونَ فِيهِ وَالثَّانِي من هَذِه الِاحْتِمَالَات هُوَ الرَّاجِح لوجوه

الْوَجْه الأول أَن الله تَعَالَى سَاق الْآيَة فِي حجاج الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام للْمُشْرِكين وَأورد حجَّته عَلَيْهِم فِي بطلَان ذَلِك وتقبيحه وَلَيْسَ فِي كَون أَفعَال الْعباد مخلوقة لله تَعَالَى حجَّة على ذَلِك من هَذِه الْجِهَة قطّ وَفِي كَون الاصنام مخلوقة لله تَعَالَى ذواتا وأعيانا معمولة للعباد نحتا وتصويرا أوضح برهَان على بطلَان ربوبيتها

الْوَجْه الثَّانِي أَن الله تَعَالَى نَص على هَذَا الْمَعْنى فِي غير هَذِه الْآيَة وَالْقُرْآن يُفَسر بعضه بَعْضًا وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الْفرْقَان {وَاتَّخذُوا من دونه آلِهَة لَا يخلقون شَيْئا وهم يخلقون} وَقَالَ فِي سُورَة النَّحْل {وَالَّذين يدعونَ من دون الله لَا يخلقون شَيْئا وهم يخلقون}

الْوَجْه الثَّالِث أَنه قد ورد فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يَقْتَضِي ذَلِك وَقد أجمع أهل التَّفْسِير وَمن يحْتَج بِهِ من الجماهير إِلَى الرُّجُوع إِلَى مثل ذَلِك فِي مثل هَذِه الْمَوَاضِع المجملة من كتاب الله تَعَالَى وَذَلِكَ مَا أخرجه الْحَاكِم أَو عبد الله فِي الْمُسْتَدْرك فِي أول كتاب الْبر مِنْهُ فَقَالَ أخبرنَا

<<  <   >  >>