للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أحوط هَهُنَا لِأَنَّهُ من قبيل التَّصْدِيق وَهُوَ وَاجِب فِي الْمَوْضِعَيْنِ بل هُوَ فِي الرَّجَاء أوجب اجماعا وَإِنَّمَا يُمكن اعْتِقَاد الاصح وَلذَلِك اخْتلفت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وَكَانَ الصَّوَاب مَعَ من رجا مِنْهُم كَمَا تقدم فِي أول هَذِه الْمَسْأَلَة

وَيدل عَليّ ذَلِك وُجُوه

الْوَجْه الأول أَن الْمُقْتَضِي للرجاء تَقْدِيم الْخَاص على الْعَام عِنْد تعَارض السّمع فِي ذَلِك وَذَلِكَ وَاجِب وَلَا يُمكن أَن يكون ترك الْوَاجِب أحوط لِأَن تَركه حرَام وارتكاب الْحَرَام يُنَاقض الِاحْتِيَاط وينافيه فَلم يُمكن الِاحْتِيَاط إِلَّا فِي الْعَمَل فان زَعَمُوا ان الْعُمُوم فِي مسَائِل الِاعْتِقَاد قَطْعِيّ فَلَا يجوز تَخْصِيصه فَالْجَوَاب من وُجُوه أَولهَا أَنه يلْزمهُم مثله فِي عمومات الْوَعْد بالمغفرة كَقَوْلِه تَعَالَى {يغْفر لمن يَشَاء} وَقَوله تَعَالَى {إِن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم وَيغْفر لكم} وَقَوله تَعَالَى (وَمن يعْمل من الصَّالِحَات وَهُوَ مُؤمن) فِي ثَلَاث آيَات وَقَوله تَعَالَى {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} وَقَوله تَعَالَى {أعدت للْكَافِرِينَ} وَفِي الْجنَّة {أعدت للَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله} وَغير ذَلِك مِمَّا يطول ذكره وَتقدم بعضه بل الْمُحَافظَة على الصدْق فِي الْوَعْد أوجب لِأَن الْخلف فِيهِ قَبِيح ضَرُورَة وإجماعا وَفِي الْوَعيد لَا ضَرُورَة فِيهِ وَلَا إِجْمَاع وَثَانِيها ان المخصصات قواطع كَقَوْلِه تَعَالَى {وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} وَقَوله تَعَالَى {أعدت للْكَافِرِينَ} وَقَوله {أَن الْعَذَاب على من كذب وَتَوَلَّى} وَقَوله {لَا يصلاها إِلَّا الأشقى الَّذِي كذب وَتَوَلَّى} وَغير ذَلِك وَقد بسطت الردود على مطاعن الْمُخَالف فِي الِاحْتِجَاج بهَا وغايتها ظواهر مثل عموماتهم فان وَجب الْجَزْم على مَا يفهم من عموماتهم لعِلَّة وَجب الْجَزْم على ظواهر هَذِه لتِلْك الْعلَّة بِعَينهَا بل الْبعد عَن الْخلف فِي الْوَعْد أوجب لما تقدم وَإِن جَازَ حمل هَذِه على غير ظَاهرهَا لدَلِيل مُنْفَصِل جَازَ فِي عمومات الْوَعيد مثل

<<  <   >  >>