وَترك النَّوَوِيّ القَوْل السَّادِس وَهُوَ اخْتِيَار البُخَارِيّ وَالْغَزالِيّ والفقيه حميد فِي تَأْوِيل الحَدِيث بالعامد دون المتأول بِهَذَا التَّوْجِيه الْمَذْكُور وَترك أَيْضا القَوْل السَّابِع وَهُوَ أَن الحَدِيث على ظَاهره من غير تَأْوِيل وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي شرح الْعُمْدَة كَمَا سلف وَلَا حجَّة قَاطِعَة مَانِعَة من صِحَّته وَعدم الْحجَّة القاطعة الْمَانِعَة من صِحَة ظَاهره يُوجب الِاحْتِيَاط الْبَالِغ بِتَرْكِهِ احْتِيَاطًا للاسلام وتعظيما لَهُ عَن المخاطرة بِهِ وتعريضه لما لَا يُؤمن أَن يُبطلهُ ويسلب نعْمَته الْعُظْمَى وينظم صَاحبه فِي جمله أهل الْكفْر والعمى
تَنْبِيه وَذَلِكَ أَن هَذَا الْكَلَام فِي التحذير من تَكْفِير المبتدعة الَّذين لم نستيقن أَن بدعتهم كفر مَعَ قبحها وفحشها وكراهتنا لَهَا وَأمر تَكْفِير عوام الْمُسلمين لأَنهم لم يعرفوا الله تَعَالَى بِدَلِيل قَاطع على شُرُوط أهل علم الْكَلَام فانه يزْدَاد الامر قُوَّة فِي كفر من كفرهم لِأَن الحكم باسلامهم مَعْلُوم ضَرُورَة من الدّين وتكفيرهم جحد ذَلِك وَقد دلّ وَقد دلّ الْقُرْآن على صِحَة اسلامهم حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا وَلما يدْخل الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ وَإِن تطيعوا الله وَرَسُوله لَا يلتكم من أَعمالكُم شَيْئا إِن الله غَفُور رَحِيم} وَقد تقدّمت الْأَدِلَّة على هَذَا فِي أول الْكتاب هَذَا فَليُرَاجع وَهَذَا لجلائه لَا يحْتَاج إِلَى بسط وَبِهَذَا الْكَلَام تمّ الْكَلَام فِي الْوَجْه الاول من مرجحات ترك التَّكْفِير
الْوَجْه الثَّانِي من مرجحات ترك التَّكْفِير أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله بذلك فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بالنصوصية والخصوصية وَهَذَا من أوضح المرجحات وَفِي ذَلِك أَحَادِيث مِنْهَا حَدِيث أنس قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله ثَلَاث من أصل الايمان الْكَفّ عَمَّن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله لَا نكفره بذنب وَلَا نخرجهُ من الاسلام بِعَمَل الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب الْجِهَاد من السّنَن وَرَوَاهُ أَبُو يعلى من طَرِيق أُخْرَى وَلَيْسَ فِيهَا من ضعف إِلَّا يزِيد الرقاشِي العَبْد الصَّالح ضعف من قبل حفظه وَقد أثنى عَلَيْهِ الْحَافِظ ابْن عدي وَوَثَّقَهُ وَقَالَ عِنْده أَحَادِيث صَالِحَة عَن أنس أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ هَذَا مَعَ الثَّنَاء النَّبَوِيّ على عُمُوم التَّابِعين فَأَقل أَحْوَاله أَن يُقَوي طَرِيق أبي دَاوُد وَيشْهد لَهَا الحَدِيث الثَّانِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله نَحْو حَدِيث أنس