للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الْوَجْه التَّاسِع أَن الْوَقْف عَن التَّكْفِير عِنْد التَّعَارُض والاشتباه أولى وأحوط من طَرِيق أُخْرَى وَذَلِكَ أَن الْخَطَأ فِي الْوَقْف على تَقْدِيره تَقْصِير فِي حق من حُقُوق الْغَنِيّ الحميد الْعَفو الْوَاسِع أسمح الْغُرَمَاء وأرحم الرُّحَمَاء وَأحكم الْحُكَمَاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْخَطَأ فِي التَّكْفِير على تَقْدِيره أعظم الْجِنَايَات على عباده الْمُسلمين الْمُؤمنِينَ وَذَلِكَ مضاد لما أوجب الله من حبهم ونصرهم والذب عَنْهُم

وَقد روى فِي ذَلِك من حَدِيث أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وَمن حَدِيث عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا كِلَاهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله أَنه قَالَ

(الدَّوَاوِين عِنْد الله ثَلَاثَة ديوَان لَا يغفره الله وَهُوَ الشّرك بِاللَّه تَعَالَى وديوان لَا يتْركهُ وَهُوَ حُقُوق المخلوقين وديوان لَا يُبَالِي بِهِ وَهُوَ مَا بَينه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَبَين عَبده فالتارك للتكفير إِن قَدرنَا خطأه فانما أخل بِحَق من حُقُوق الله تَعَالَى وَهُوَ إِجْرَاء الاحكام عَلَيْهِم وَهُوَ هَهُنَا لم يتْركهُ إِلَّا لعدم شَرط جَوَازه وَهُوَ تحقق الْمُوجب لَهُ وَأما للكفر إِن قَدرنَا خطأه فقد أخل بِحَق الْمَخْلُوق الْمُسلم بل تعدى عَلَيْهِ وظلمه أكبر الظُّلم وأفحشه فَأخْرجهُ من الاسلام وَهُوَ يشْهد أَن لَا أَله إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأَن جَمِيع رسله وَكتبه وَمَا جَاءَ فِيهَا عَن الله عز وَجل حق لَا شكّ فِيهِ وَلَا ريب فِي شَيْء مِنْهُ على الْجُمْلَة وَإِنَّمَا أَخطَأ فِي بعض التفاصيل وَقد صرح بالتأويل فِيمَا أَخطَأ فِيهِ فان وصف الله بِوَصْف نقص فلاعتقاده أَنه وصف كَمَال وان نسب إِلَيْهِ قبحا فلاعتقاده أَنه حسن وان تعمد الْقَبِيح فِي ذَلِك فَمحل التعمد هُوَ الْقلب المحجوب عَنَّا سرائره وَالْحَاكِم فِيهِ علام الغيوب وَقد عوقبت الْخَوَارِج أَشد الْعقُوبَة وذمت أقبح الذَّم على تكفيرهم لعصاة الْمُسلمين مَعَ تعظيمهم فِي ذَلِك لمعاصي الله تَعَالَى وتعظيمهم لله تَعَالَى بتكفير عاصية فَلَا يأمل الْمُكَفّر أَن يَقع فِي مثل ذنبهم وَهَذَا خطر فِي الدّين جليل فَيَنْبَغِي شدَّة الِاحْتِرَاز فِيهِ من كل حَلِيم نبيل وَلأَجل هَذَا الْخطر عذر المتوقف فِي التَّكْفِير وَكَانَ هَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقين كَمَا ذكره الْفَقِيه حميد وَاخْتَارَهُ فِي عُمْدَة المسترشدين بل كَمَا قَامَت عَلَيْهِ الدَّلَائِل والبراهين

الْوَجْه الْعَاشِر أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام لم يكفر

<<  <   >  >>