(فيا عطسات فرجت كل كربَة ... وَلم يبْق فِي أَيدي الاساة سوى الصفق)
(لَهُ الْحَمد منشكين من غير حِيلَة ... وَلَا سَبَب يجْرِي لي الرِّيق فِي حلقي)
(بكن علمت الله علم ضَرُورَة ... وَكم مثلهَا يجلو الوساوس فِي الْحق)
فَإِنِّي شارفت الْمَوْت من الإسهال فعطست ثَلَاث عطسات فَكَأَنَّمَا نشطت من عقال وَلم يكن للعطاس سَبَب طبيعي قطّ فَكَانَت من الْآيَات العجيبة
وَمِمَّا يَنْبَغِي التيقظ لَهُ فِي الرَّد عَلَيْهِم أَن آدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ أَبُو الْبشر وَذَلِكَ مَعْلُوم ضَرُورَة تَوَاتر وَدلَالَة جلية أما التَّوَاتُر فَوَاضِح وَأما الدّلَالَة فمحال أَن يكون الْبشر من أم وَأب وَإِلَى مَا لَا نِهَايَة لِأَن عدم التناهي فِي الْحَوَادِث الْمَاضِيَة محَال فَوَجَبَ أَن يكون أَوَّلهمْ حَادِثا من غير أم وَلَا أَب وَلَا نُطْفَة وَلَا طبيعة وانه صنع حَكِيم وَإِنَّمَا علمنَا من السّمع أَن اسْمه آدم وَأَنه من طين فَلَو كَانَت الطبيعة تَقْتَضِي ذَلِك بِنَفسِهَا من غير صانع لَكَانَ فِي كل زمَان تظهر صور كَثِيرَة من الطين كصورة آدم ثمَّ النّظر فِي خلق سَائِر الْحَيَوَان كَذَلِك فَإِن انفلاق بعض الطُّيُور عَن فراخها من عَجِيب صنع الله وَكَانَ بعض السّلف يحْتَج بذلك على أَن الله تَعَالَى عليم قدير لَا كعلم الْخلق وقدرتهم لِأَن قدرته أثرت فِيمَا دَاخل الْبَيْضَة من غير كسر لَهَا وَلَا مُبَاشرَة وَعلمه أحكم صنع مَا فِي الْبَيْضَة كَذَلِك وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ الْقُرْآن الْكَرِيم حَيْثُ قَالَ الله تَعَالَى فِي سُورَة الْحَج {يَا أَيهَا النَّاس إِن كُنْتُم فِي ريب من الْبَعْث فَإنَّا خَلَقْنَاكُمْ من تُرَاب} يَعْنِي أولكم وأوصلكم وَلَيْسَ فِي خلق الْإِنْسَان من التُّرَاب شُبْهَة أَلْبَتَّة لاعتراف الطبائعية بِأَنَّهُ خلاف العوائد الطبيعية وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة وَخلق مِنْهَا زَوجهَا وَبث مِنْهُمَا رجَالًا كثيرا وَنسَاء} وَقد أعظم الله تَعَالَى هَذِه الدّلَالَة فَقَالَ {كَيفَ تكفرون بِاللَّه وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم}