للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت إِن أردتم الجليات الَّتِي لَا يَقع فِي مثلهَا التَّنَازُع أَو لَا يحْتَاج فِي الدّين إِلَى مَعْرفَتهَا أَو لَا يحْتَاج البليد فِيهَا إِلَى تفهيم الذكي أَو الظنية الَّتِي لَا إِثْم فِيهَا على الْمُخطئ فَمُسلم وَلَا يضر تَسْلِيمه وَمن الْقسم الأول من هَذَا علم الْحساب وَإِن دق بعضه فان طرقه مَعْلُومَة الصِّحَّة عِنْد الْجَمِيع وَلذَلِك لم تمنع دقته من الْوِفَاق فِيهِ وَكَذَلِكَ كثير من علم الغربية والمعاني وَالْبَيَان والبلاغة وَإِن أردتم الْقسم الآخر وَهُوَ مَا يحْتَاج اليه فِي الدّين وَيكون مَفْرُوضًا على جَمِيع الْمُسلمين من الْخَاصَّة والعامة أَجْمَعِينَ وَيَقَع فِي مثله الخفاء والنزاع وَالِاخْتِلَاف الْكثير وَيَأْثَم الْمُخطئ فِيهِ وَلَا يسامح فَغير مُسلم لكم أَن مثل هَذَا يُوكل إِلَى عقول الْعُقَلَاء وتترك الرُّسُل بَيَانه لقَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} فَلم يكتف سُبْحَانَهُ بِحجَّة الْعقل حَتَّى ضم اليها حجَّة الرسَالَة مَعَ أَن مَعْرفَته سُبْحَانَهُ وَنفي الشُّرَكَاء عَنهُ من أوضح المعارف الْعَقْلِيَّة وَلذَلِك قَالَت الرُّسُل فِيمَا حكى الله عَنْهُم {أَفِي الله شكّ فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض}

وَقد مر بَيَان ذَلِك فِي مُقَدمَات هَذَا الْمُخْتَصر وَفِي هَذِه الْآيَة وَمَا فِي مَعْنَاهَا من السّمع حجَّة على أَن مَا لم يُبينهُ الله تَعَالَى سمعا لم يعذب الْمُخطئ فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى لَكِن يخْشَى على من خَاضَ فيا لم يُبينهُ الله أَن يعذب على الابتداع وَقد بَين الله تَحْرِيمه وَبَيَان تَحْرِيم ذَلِك فِي قَوْله {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم إِن السّمع وَالْبَصَر والفؤاد كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولا} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ حاججتم فِيمَا لكم بِهِ علم فَلم تحاجون فِيمَا لَيْسَ لكم بِهِ علم وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ} فنسأل الله السَّلامَة

الْوَجْه الرَّابِع قَوْله تَعَالَى فِي وصف الْقُرْآن {تبيانا لكل شَيْء} وَقَوله سُبْحَانَهُ {مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء} وَلَا شكّ أَنه يدْخل

<<  <   >  >>