ابن حمدون النديم سأله المعتصم عن صيام العليل الذي يقدر على الجماع، فقال: لا يرخص له في الإفطار فدع ما سواه.
علي بن حمزة بن عمارة الأصبهاني، كان أبوه حمزة من مياسير أصبهان، وكان مقتراً عليه ما يعطيه إلا القوت، وكان علي يستدين على موته، فلما مات كان يقول: فديت من أحياني بموته.
بعضهم يقول: قولي لعذولي: أعزه الله، إنما مرادي أن يعزه الله من الدنيا حتى لا يوجد فيها.
[الباب الحادي عشر]
[لطائف الشعراء نثرا]
قال محمد بن جعفر لابن الأشعث في دار المهدي: يا شيخ، ما صناعتك؟ قال: ثقب الدر، يعني افتضاض الأبكار.
وقيل له: أي شيء عندك من متاع الدنيا آثر؟ قال طعام حر، وشراب قر، وبنت عشرين بكر.
أبو نواس الإمام في الباطل، دخل كرماً فرأى حصرماً، فاستقبل القبلة وقال: اللهم سود وجهه، واقطع حلقه، واسقني دمه! وكان يقول: تزودوا من لذة الدنيا لذة توجد في الجنة، يعني إتيان المحظي لأن أهل الجنة جرد مرد.
ولما قال للفضل قصيدته التي يقول فيها طويل:
سأشكو إلى الفضل بن يحيى بن خالد ... هواك لعل الفضل يجمع بيننا
قال الفضل: ما زدت على أن جعلتني قواداً!. فقال: أصلحك الله، إنه جمع بفضل لا جمع بوصل.
وسأل يوماً عن غلام مر به فاستشرفه فقيل له: إنه فاسد. فقال: فساده صلاحي.
عبد الصمد بن المعذل، ذكر يوماً العافية فقال: أي غطاء وأي وطاء.
ووصف السحاب المدلج فقال: ليست السماء حباتها وتنفست الصعداء.
ومر أحمد بن المعذل ليلاً بغرفته وهو فيها يعزف ويقصف، فوقف ونادى بأعلى صوته " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون " فاطلع عبد الصمد وقال: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ".
وكان أحمد بن المعذل مر عليه النساك الجعيني وقد خضب لحيته وترك فيها شعرات بيضاً يوهم أن الشيب أول ما وخطه، فقال له: ما هذا؟ فقال: غش الغش.
رؤبة بن العجاج سأله سليمان بن داود عن حالة متاعه فقال: يمتد ويشتد، وأستعين عليه باليد فيرتد! فقال سليمان: بودي أن هذه صفة ما عندك.
العتابي قيل له: رأيناك تكلم فلاناً فتتلجلج. فقال: لأن معه ذل السؤال وخوف الردى.
وقال للمأمون: لا دين إلا بك، ولا دنيا إلا معك.
مروان بن أبي حفصة رأى رجلاً يصلي صلاة خفيفة، فقال له: يا هذا صلاتك رجز! حماد عجرد أهدى إلى مطيع بن إياس غلاماً وكتب معه: قد أهديت لك من يتعلم وعليك كظم الغيظ.
البحتري سمع منشداً يقول شعراً رمل مجزوء:
ومغن يتغنى ... بطعام وشراب
فإذا رمنا سكوتاً ... فبمال وثياب
فقال: فذاك صاحب الفيل: يركب بدانق وينزل بدرهم!.
وسمعه ابن المدبر يوماً يقول: الشكر يديم النعم وقال: والله يا أبا عبادة هذا أحسن من قصيدة غبراء.
علي بن الجهم مر به يسأله ويلحف ويقول: واسونا. فقال: إن واسيناكم ساويناكم.
وكان يقول: الهدية السحر الأكبر.
أبو يعقوب الخريمي قدمت إليه سكباجة كثيرة العظام فقال: هذه شطر نجية. وأتبعت بفالوذجة قليلة الحلاوة فقال: عملت هذه قبل أن يوحي ربك إلى النحل!.
جحظة البرمكي سئل عن دعوة حضرها فقال: كل شيء كان فيها بارداً إلا الماء.
وكتب إلى المعتز وقد منعه توالي المطر عن خدمته: كنت على أن أجيب داعي الأمير فانقطع شريان الغيم فقطعني عن خدمته، فكتب إليه المعتز: إن فاتني السرور برؤيتك لم يفتني الأنس برقعتك.
[فصل في نهاية الظرف]
[أختم به هذا الكتاب]
قال الصاحب: ثلاثة أخجلوني بجوابك في نهاية الحسن. منهم أبو الحسن البديهي إذ كان عندي في نفر من جلسائي بأصفهان، فقدمت إلينا أطباق الفواكه فأكب عليها البديهي وأمعن، وكان فيها من المشمش الأصبهاني ما يفوق على الرطب حسناً وطيباً، فقلت في عرض حديث جرى معهم: إن المشمش ليلطخ المعدة. فقال: لا يعجبني المضيف إذا تطبب!.
ومنهم أبو الحسن الثريدي فإنه قال لي يوماً وقد انصرفت من الدار السلطانية في غير طريقي، وأنا ضجر من شيء عرض لي فشغل فكري، فقال: من أين أقبل مولانا؟ فقلت: من لعنة الله! فقال: رد الله غربتك!. فأحسن الشاب على إساءة الأدب.