وخطب معاوية بن سعيد امرأة فامتنعت عليه، فكتب إليها: إن تزوجتني ملأت بيتك خيراً وبطنك أيراً!.
وحضر الشعبي رحمه الله وليمة فرأى أهلها سكوتاً فقال: ما لي أراكم كأنكم في جنازة؟ أين الغناء أين الدف؟ وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك من شر ذكري فإني آيسٌ من خيره!.
وقيل للشعبي رحمه الله: إن فلاناً يشرب النبيذ. فقال: دعوه يقتله القول.
ودخل ابن أبي عتيق رحمه الله على عائشة رضي الله عنها يعودها في مرضها الذي ماتت فيه فقال لها: جعلت فداك.
فقالت: بالموت؟ فقال: فلا فداك فإني ظننت في الأمر مهلة!.
وقيل للحسن البصري رحمه الله: إن فلاناً يأكل الفالوذج ويعيبه فقال: لباب البر بلعاب النحل بخالص السمن! ما عاب هذا مسلم.
وكان مكحول الشامي رحمه الله يقول: عليك بالطيب فإنه من طاب ريحه زاد عقله، ومن نظف ثوبه قل همه.
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: ما شممت رائحة أطيب من رائحة الخبز الحار، وما رأيت فارساً أحسن من لبن على تمر.
وقال بعضهم: من كرامة الخبز ألا ينتظر مع الأدم.
[الباب الثاني]
[لطائف الملوك المتقدمين]
رأى الإسكندر رحمه الله رجلاً حسن الاسم قبيح السيرة، فقال له: إما أن تغير اسمك أو سيرتك!.
ورأى رجلاً خضيباً فقال له: إن صبغت الشيب فكيف تصبغ آثار الكبر؟ وقال بهرام جور: هموم الدنيا سم درياقه الراح.
وقيل له: إن فلاناً يحب ابنك فاقتله. فقال: إن قتلنا من يحبنا ومن يبغضنا يوشك ألا نبقي على ظهرها أحداً.
وقال أنوشروان: يوم الغيم للصيد، ويوم الريح للنوم، ويوم المطر للشرب، ويوم الشمس للحاجات.
وكان يقول: إني لأستحيي أن أباضع في بيت فيه نرجس لأنه يشبه العيون الناظرة!.
وكان آطليموس الأخير ملك الروم يقول: ينبغي للعاقل أن ينظر في المرآة، فإن رأى وجهه جميلاً فلا يشينه بقبيح، وإن رآه قبيحاً فلا يجمع بين قبيحين. وقيل في ذلك سريع:
يا حسن الوجه توق الخنا ... لا تخلطن الزين بالشين
ويا قبيح الوجه كن محسنا ... لا تجمعن بين قبيحين
وقال غيره: إن لم تصد قلوب الأحرار بالبر والبشر فبأي شيء تصيدها؟
[الباب الثالث]
[لطائف ملوك الإسلام]
كان معاوية رحمه الله تعالى يقول في الزمان: نحن الزمان فمن رفعناه ارتفع ومن وضعناه اتضع.
وقال غيره: المروءة اسم جامع للمحاسن كلها.
ومن كلامه: أني لأستحييي ممن لم يجد له ناصراً إلا الله تعالى.
مصعب بن الزبير رضي الله عنهما كان يقول: أني لأعشق الشرف كما أعشق الجمال في النساء.
عبد الملك بن مروان رحمه الله كان يقول: أفضل الناس من عفا عن قدرة، وتواضع عن رفعة، وأنصف عن قوة.
قتيبة بن مسلم رحمه الله تعالى لما أشرف على سمرقند استحسنها جداً فقال: كأنها السماء في الخضرة، وكأن قصورها النجوم الزاهرة، وكأن أنهارها المجرة.
المهلب بن أبي صفرة رحمه الله تعالى كان يقول: عجبت لمن يشتري العبد بماله ولا يشتري الأحرار بفعاله.
وقال لبنيه: أحسن ثيابكم ما كان على غيركم، وخير دوابكم ما رئي تحت سواكم.
سليمان بن عبد الملك رحمه الله تعالى، تكلم عنده قوم فأساؤوا، وتكلم رجل منهم فأحسن. فلما انصرفوا وصفهم سليمان فقال: ما أشبه كلامهم وكلامه إلا بمطر تلبدت عجاجته.
ولما هرب من طاعون الشام قيل له: إن الله تعالى يقول " قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً " قال: ذلك القليل أطلب.
سليمان بن الأحنف رحمه الله شكا إليه جند هشام بن عبد الملك تأخر أرزاقهم واختلال أحوالهم، فضمن لهم ما يصلحهم ثم قال لهشام: لو نادى مناد: يا فقير، لما بقي واحد من الجند إلا التفت إليه. فضحك هشام وأمر لهم بأرزاقهم.
الوليد بن يزيد بن عبد الملك كان يقول: لا تؤخروا لذة يوم إلى غد فإنه غير مأمون. ومن شعره الملوكي ما قاله خفيف:
أشهد الله والملائكة الأب؟ ... رار والعابدين أهل الصلاح
أنني أشتهي السماع وشرب الر ... اح والعض في الخدود الملاح
ونسيم الحلال والخادم الفا ... ره يسعى إلي بالأقداح
يفهم الوحي والإشارة بالكف ... ويهفو إلي هفو الراح