للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: «تلزم جماعة المسلمين»، أُخذ منه لفظ: أهل السُّنَّة والجماعة، وذلك لكون الحق في جماعة المسلمين في الأغلب (١).

وفي الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - في قصة الثلاثة الذين جاءوا بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهم: أُصلي اليل أبدًا، وقال الآخر: أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: أنا اعتزل النساء فلا أتزوج، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنِّي أصوم وأفطر وأُصلِّي وأرقد وأتزوج النساء فمنْ رغب عن سنَّتي فليس منِّي» (٢).

وهذا دليلٌ على أنَّ المشروع هو الاقتصاد في الطاعات؛ لأن إتعاب النفس فيها والتشديد عليها يفضي إلى ترك الجميع، والدين يسر، ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، والشريعة المطهَّرة مبنيَّةٌ على التيسير وعدم التنفير، وقوله: «فمن رغب عن سنَّتي فليس منِّي» المراد بالسُّنَّة: الطريقة، والرغبةُ: الإعراض، وأراد - صلى الله عليه وسلم - أن التارك لهديه القويم المائل إلى الرهبانية خارج عن الاتباع إلى الابتداع (٣).


(١) ينظر: فتح الباري على صحيح البخاري، باب علامات النبوة في الإسلام ٤/ ٤٥٥.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، ٣/ ٣٥٤.
(٣) ينظر: نيل الأوطار ٦/ ١٢٣.

<<  <   >  >>