للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالفقير مُحْتَاج إِلَى مَال الْغَنِيّ والغني مُحْتَاج إِلَى عمل الْفَقِير وحاجة النَّاس أصل فِي شرع الْعُقُود فشرعت لترتفع الْحَاجة

ثمَّ الاجارة لَهَا أَرْكَان وشرائط أما أَرْكَانهَا فالإيجاب وَالْقَبُول وَذَلِكَ بِأَلْفَاظ دَالَّة عَلَيْهِمَا وَهُوَ لفظ الاجارة والاستئجار والإكراء والاكتراء وتنعقد بِلَفْظ الْمَاضِي وَلَا تَنْعَقِد بلفظين يعبر بِأَحَدِهِمَا عَن الْمُسْتَقْبل نَحْو أَن يَقُول آجرني فَيَقُول الآخر آجرتك وَلَو قَالَ أعرتك هَذِه الدَّار شهرا بِكَذَا أَو قَالَ كل شهر بِكَذَا أَو هَذَا الشَّهْر بِكَذَا تَنْعَقِد وَفِي التَّتِمَّة تَنْعَقِد الاجارة بِلَفْظ الاعارة وَلَا تَنْعَقِد الاعارة بِلَفْظ الاجارة حَتَّى لَو قَالَ آجرتك هَذِه الدَّار بِغَيْر عوض لَا تكون اعارة

وَفِي الْقنية قَالَ لآخر هَذِه الدَّار بِدِينَار فِي كل سنة هَل رضيته فَقَالَ نعم وَدفع إِلَيْهِ الْمِفْتَاح فَهُوَ اجارة

وَفِي البزازي الاجارة الطَّوِيلَة لَا تَنْعَقِد بالتعاطي لِأَن الْأُجْرَة فِيهَا غير مَعْلُومَة لِأَنَّهَا تكون فِي كل سنة دانقا أَو أقل أَو أَكثر واستخرج الاجارة الطَّوِيلَة الامام مُحَمَّد بن الفضلى البُخَارِيّ فقبلها الْبَعْض لَا الْبَعْض وَهِي على وَجْهَيْن الأول أَن يُؤَاجر الأَرْض أَو الْكَرم وفيهَا زرع فيبيع الْأَشْجَار أَو الزَّرْع بأصولها مِمَّن أَرَادَ الاجارة بِثمن مَعْلُوم وَيسلم ثمَّ يُؤَاجر الأَرْض مِنْهُ مُدَّة مَعْلُومَة ثَلَاث سِنِين أَو أَكثر غير ثَلَاثَة ايام من كل سنة أَو نصفهَا بِمَال مَعْلُوم على أَن يكون أُجْرَة كل سنة من السنين سوى الايام المستثناة كَذَا وَبَقِيَّة مَال الاجارة يَجْعَل بِمُقَابلَة السّنة الْأَخِيرَة وَلكُل مِنْهُمَا ولَايَة الْفَسْخ فِي مُدَّة الْخِيَار وَالثَّانِي أَن يدْفع الْأَشْجَار والزروع الْقَائِمَة على الأَرْض مُعَاملَة إِلَى الَّذِي يُرِيد الاجارة على أَن يكون الْخَارِج على مائَة سهم للدافع وَالْبَاقِي لِلْعَامِلِ ثمَّ يُوكل الْعَامِل فِي صرف قسطه إِلَى مَا يُريدهُ ثمَّ يُؤَاجر مِنْهُ الأَرْض مُدَّة مَعْلُومَة على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ من غير أَن يكون أحد الْعقْدَيْنِ شرطا فِي الآخر

وَبَعض أَئِمَّة بخارا أَنْكَرُوا الأول وَقَالُوا بيع الْأَشْجَار والزروع بيع تلجئة لَا بيع رَغْبَة حَتَّى لَا يملك الْمُسْتَأْجر قطع الْأَشْجَار وَعند فسخ الاجارة يَنْفَسِخ البيع بِلَا فسخ والتلجئة لَا تزيل ملك البَائِع وَإِن قبض الْمَبِيع وَلما بقيا على ملكه لم تصح اجارة الأَرْض وَبَعض جوزه وَقَالَ إِنَّه بيع رَغْبَة لِأَنَّهُمَا قصدا بِهِ صِحَة الاجارة وَلَا طَرِيق إِلَيْهِ الا بِهِ وَلَا يُنَافِي عدم جَوَاز الْقطع مَعَ كَونهَا ملكا كالمرهون لَا يملك الرَّاهِن قطع الْأَشْجَار وَقيل إِن بَاعَ الزَّرْع وَالشَّجر بِثمن الْمثل فَبيع رَغْبَة وَإِلَّا لَا وَهَذَا لَا يَصح فَإِن الْإِنْسَان قد يَبِيع مَاله عِنْد الْحَاجة بِثمن قَلِيل

رجل قَالَ لآخر بِعْت مِنْك عَبدِي بمنافع دَارك هَذِه سنة وَقبل فَهُوَ اجارة وَالْأُجْرَة تجب بالتمكن من اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة حَتَّى أَن من اسْتَأْجر دَارا مُدَّة مَعْلُومَة وعطلها مَعَ التَّمَكُّن من الِانْتِفَاع يجب الْأجر وَإِن لم يتَمَكَّن بِأَن مَنعه الْمَالِك أَو الْأَجْنَبِيّ لَا يجب

وَفِي المنبع إِذا غصب الدَّار غَاصِب من يَد الْمُسْتَأْجر سقط الْأجر لفَوَات التَّمَكُّن إِذْ هُوَ الْفِعْل المستلزم للمكنة وَلَا مكنة مَعَ الْغَصْب

قَالَ صَاحب الْكَافِي وَهل يَنْفَسِخ العقد ذكر الفضلى وَالْقَاضِي فَخر الدّين فِي الْفَتَاوَى أَنه لَا تنْتَقض الاجارة وَلَكِن يسْقط الْأجر مَا دَامَت فِي يَد الْغَاصِب وَفِي الْهِدَايَة إِن العقد يَنْفَسِخ وَإِن وجد الْغَصْب فِي بعض الْمدَّة سقط من الْأجر بِقَدرِهِ لِأَن السُّقُوط بِقدر الْمسْقط انْتهى

<<  <   >  >>