إِن الإجتهاد فِي الْإِسْلَام أقوى دَلِيل على أَن ديننَا الحنيف هُوَ الدّين الشَّامِل الخالد الوحيد الَّذِي يُسَايِر ركب الحضارة الإنسانية عبر العصور والأجيال ويرحب بِكُل التغيرات الطارئة والمشاكل الناجمة من تجدّد الظروف والمصالح على اخْتِلَاف المجتمعات الإنسانية فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا ويعرض لَهَا حلولا مُنَاسبَة فِي ضوء الْأَحْكَام الْكُلية وَالْأُصُول الثَّابِتَة من الْكتاب وَالسّنة
[الإجتهاد منحة إلهية مستمرة]
إِن مسَائِل الْعَصْر تتجد ووقائع الْوُجُود لَا تَنْحَصِر ونصوص الْكتاب وَالسّنة محصورة محدودة فَكَانَ الإجتهاد فِي الْأُمُور المستحدثة حَاجَة إسلامية ملحة لمسايرة ركب الْحَيَاة الإنسانية تَلْبِيَة لهَذِهِ الْحَاجة قد قَامَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَمن بعدهمْ من التَّابِعين وأتباعهم وأئمة الْإِسْلَام وفقهاء الْأمة بالإجتهاد فِي الْمسَائِل المستجدة فِي عصورهم وَصَارَ الإجتهاد منحة ربانية مستمرة يتمتع بهَا الْمُسلمُونَ بجهود الْمُجْتَهدين الْأَكفاء فِي كل زمَان وَمَكَان وَلم تكن خَاصَّة بعصر دون عصر وبمصر دون مصر حَتَّى يفهم ونعوذ بِاللَّه تَعَالَى أَن رَحْمَة الله عز وَجل صَارَت عقيمة بعد ذَلِك وانقطعت عَن الْعلمَاء الْمُتَأَخِّرين المتأهلين وَلَا شكّ أَن هَذَا الإعتقاد بإنتهاء الإجتهاد والمجتهدين تحجر رَحْمَة الله الواسعة وَحكم على قدره وقضائه بِدُونِ علم يشبه بصيحة فِي وَاد وَنفخ فِي رماد أَمَام قَول الله عز وَجل {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم} الْجُمُعَة ٢ ٣