للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السّلف قد ثَبت بِالدَّلِيلِ الْقَاطِع سَلَامَته وَصِحَّة حجَّته من الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع فَلَا حَاجَة إِلَى الْكَشْف عَن صِحَّته بِدَلِيل آخر

الثَّانِي أَن فِي هَذَا القَوْل إلزاما للعامة بِالِاجْتِهَادِ فِي دقائق الْأُمُور والاعتقادات وَهَذَا خطأ من وُجُوه

أَحدهَا أَن فِيهِ تخطئة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْمر أحدا من أمته بِعلم الْكَلَام وَالنَّظَر فِي أَدِلَّة الْعُقُول ليعرف بِهِ صِحَة معتقده بل قنع مِنْهُم بِمُجَرَّد الْإِسْلَام

وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِذا قالوها عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وحسابهم على الله عز وَجل أفترى بِكَوْن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مخطئا فِي قبُول ذَلِك مِنْهُم وقناعته بِمُجَرَّد إسْلَامهمْ من أَن يتعلموا علم الْكَلَام وينظروا فِي الْعرض والجوهر والجسم وَيكون المتكلمون هم المصيبون فِي خطأ من لم يتَعَلَّم ذَلِك وَلم ينظر فِيهِ فَإِن كَانَ هَذَا هَكَذَا فَلْيَدعُوا لأَنْفُسِهِمْ شَرِيعَة ودينا غير دين الْإِسْلَام ويدعوا دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

الثَّانِي أَن تَكْلِيف الْعَامَّة الِاجْتِهَاد تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق

فَإِنَّهُم لَو اشتغلوا بِعلم مَا يصيرون بِهِ مجتهدين لانقطعوا عَن المعايش والحراثة والزراعة وَخَربَتْ الدُّنْيَا وَهلك الْخلق وَانْقطع النَّسْل وَترك الْجِهَاد وَخَربَتْ الدُّنْيَا وَلَا سَبِيل إِلَى هَذَا وَقد قَالَ الله تَعَالَى {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا}

<<  <   >  >>