ثمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا وَمَا يذكر إِلَّا أولُوا الْأَلْبَاب}
ثمَّ سَأَلُوا رَبهم أَن لَا يجعلهم مثل متبعي التَّأْوِيل الزائغين فَقَالُوا {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا}
الْوَجْه الثَّانِي أَنه لَو كَانَ تَأْوِيل ذَلِك وَاجِبا لبينه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمته فَإِنَّهُ لَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَن وقته وَلِأَنَّهُ لَو وَجب علينا التَّأْوِيل لوَجَبَ عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسَاوٍ لنا فِي الْأَحْكَام وَلَو وَجب عَلَيْهِ لما أخل بِهِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَرِيص على أمته لم يكتم عَنْهُم شَيْئا أمره الله بِهِ
وَقد قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته}
الْوَجْه الثَّالِث أَنه قد ثَبت أَن مَذْهَب السّلف رَضِي الله عَنْهُم وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة فِي هَذِه الْآيَات الْإِقْرَار والإمرار والرضاء وَالتَّسْلِيم من غير تَأْوِيل وَلَا تَعْطِيل وَقد بَينا بِالدَّلِيلِ أَن مَذْهَبهم الْحق وَأَنَّهُمْ على الْهدى الْمُسْتَقيم فَلَا يجوز مُخَالفَة سبيلهم وَلَا الْعُدُول عَن طريقهم