للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذيان يصوغه من عِنْد نَفسه ويخرجه من زبد معدته

فَإِذا مَنعه وطولب بِصِحَّتِهِ لم يكن مَعَه شَيْء يدل عَلَيْهِ سوى أَنا قد اصطلحنا أَن الْحَد لَا يمْنَع

أفترى إِذا أعمى الله أَبْصَارهم وبصائرهم يظنون أننا نقبل مِنْهُم مُجَرّد دَعوَاهُم ونتابعهم على عماهم وَإِنَّمَا مثلهم فِي هَذَا كَمثل أعمى يَبُول على سطح مُسْتَقْبلا النَّاس بفرجه يحْسب أَن أحدا لَا يرَاهُ لما عمي هُوَ عَن رُؤْيَة نَفسه

ثمَّ تَقول بل الصَّوْت هُوَ مَا يَتَأَتَّى سَمَاعه

وَهَذَا هُوَ الْحَد الصَّحِيح الَّذِي يشْهد لَهُ الْعرف

فَإِن الصَّوْت أبدا يُوصف بِالسَّمَاعِ

فَتعلق السماع بالصوت كتعلق الرُّؤْيَة بالمرئيات ثمَّ ثَبت بالْخبر الصَّحِيح إِضَافَة الصَّوْت إِلَى الله تبَارك وَتَعَالَى

وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلم بِاللَّه تبَارك وَتَعَالَى وأصدق من الْمُتَكَلِّمين الَّذين لَا علم لَهُم وَلَا دين وَلَا دينا وَلَا آخِرَة

وَإِنَّمَا هم شَرّ الخليقة الْغَالِب عَلَيْهِم الزندقة

وَقد ألْقى الله تَعَالَى مقتهم فِي قُلُوب عباده وبغضهم إِلَيْهِم

ثمَّ لَو ثَبت أَن الصَّوْت فِي المشاهدات يكون من اصطكاك الأجرام فَلم يكون كَذَلِك فِي صِفَات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَوْلهم إِن مَا ثَبت فِي حَقنا يكون فِي الْغَائِب مثله

قُلْنَا أخطأتم من وُجُوه ثَلَاثَة

أَحدهَا تسميتكم الله تَعَالَى غَائِبا

وَأَسْمَاء الله تَعَالَى وَصِفَاته إِنَّمَا تُوجد من الشَّرْع

وَأَنْتُم قبحكم الله مَا وجدْتُم لله تَعَالَى من تِسْعَة وَتِسْعين اسْما اسْما تسمونه بِهِ حَتَّى أحكيتم لَهُ من عنْدكُمْ اسْما ثمَّ قد نفى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذَا عَن نَفسه فَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا غائبين}

الثَّانِي أَنكُمْ رجعتم إِلَى التَّشْبِيه الَّذِي نَفْيه معتمدكم فِي رد كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجعلتم الله تَعَالَى مقيسا على عباده ومشابها لَهُم فِي صِفَاته وأسمائه

وَهَذَا هُوَ عين التَّشْبِيه فبعدا لكم

<<  <   >  >>