والبصر والمعرفة شكل، وضد البصر العصيان، وللبصر ثلاث علامات: أوله: يحب المداراة لأن المداراة جنة لإظهار ما يُعْلم ويبصر فيه، والثاني: يحب المواساة لأن المواساة ترق القلب، والثالث: يحب المعافاة وبالمعافاة يزيد في حب الجماعة.
وثلاثة أشياء من أفعال البصير: أولها: ألاّ يدع أمر دينه في أحد لأنه بصير بعيوب الناس، والثاني: شحيح بأمر دينه لأنه يبصر أن ترك أمر دينه أشد عليه من قطع لحمه وإهراق دمه؛ فلذلك يكون مشفقاً على أمر دينه، والثالث: لا يكون طامعاً فيما في أيدي الناس، لأنه يذكر بقلبه أن من طمع فيما في أيدي الناس يفسد قلبه، ولا يصيب البصير إلا بمتابعة العلم بالحجة والبصر في اختلاف الأمة، حتى يُعلم الناسخ والمنسوخ والمخالطة مع العلماء.
[تفسير المعرفة]
[باب تفسير المعرفة]
وقال البصر والمعرفة واليقين شكل، وضد المعرفة النكرة، وتفسير المعرفة تصديق راست اشتاختن بالفارسية كما قال الله تعالى في كتابه: (فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) ، فالمعرفة تصديق القلب بإقرار اللسان، والمُعرَّف الله عرفه بتعريفه، حتى يعرف العارف حقيقة الله، وحقيقة ما بتعريفه إيَّاه، والبصير الله بصره بتبصيره حتى يبصر للبصير بتبصير مبصره إياه، وليس للخلق فيه تكلُّف ولا مقدرة، والفهم كذلك واليقين، لأنهما لا يكونان إلاّ بفعل الله تعالى.
[تفسير اليقين وضده الشك والتحير]
[باب تفسير اليقين]
وقال: اليقين والفهم والبصر والمعرفة شكل، وضد اليقين الشكّ، والشك والتحير شكل.
[علامات المؤمن ثلاث]
وللمؤمن ثلاث علامات: أولها: لا يهتم لشيء من مصلحة نفسه وعياله، وإن كان هو وإيَّاهم يئنُّ في مفاوز بلا شيء من الطعام والماء ليقينه بوصول مصلحة الخَلْق إليهم من الله بمقدارها في مواقيتها، والثاني: يعبد الله ويذكره ذكراً ويعمل له عملاً كأنه يراه عياناً ليقينه بأن الله يراه، ويرى قلبه وجوارحه وجميع سعيه عياناً، لا يغفل عن رؤيته ورؤية كل ذلك طرفة عين، والثالث: يكون مستعداً للموت باجتراء عن قلبه، لأحكام كل سعي يدركه في هذا اليقين، الذي هو فيه الحجة لله خالصاً، كأنه هو آخر سعيه من الدنيا باغتنام كل شدة تنزل به، بيقينه بارتحالها منه بنزول الراحة به ورؤية ثوابها من نفس إلى نفس، ليقينه بأن ما قضى عليه لم يكن ليخطئه في وقته، ثم لا يبالي بكمال الحجة لملامة الناس، ولا يبالي بمفاجأة الموت بقيامه بما يحب الله ويرضاه في اليقين الذي هو فيه.
[تفسير الفقه وضده التحير]
[باب تفسير الفقه]
والفقه من الفقيه يكون بثلاثة أشياء: أولهما: بالمناظرة والمذاكرة، والثاني: بالمدارسة، والثالث: بفهم حجّة الأحكام أن يعلم أنه ليس حكم ولا مسألة ولا كلمة حق إلا لها حجة، فالفقه والبصر في أمر الدين شكل، وضد الفقه التحيُّر، والتحير والشك شكل.
وثلاثة أشياء من علامات الفقيه: أولهما: أن يكون آيساً من الخلق لأن الفقه يُقنعه ويُغنيه عن الناس، والثاني: يحب المخالطة مع الذين يتكلمون بالفقه حتى يزداد له كلّ يوم فقهاً في أمر الدين، والثالث: لا يخاف أن يتكلم في السّر والعلنية لأن الفقيه يُعينه على تهذيب الكلام وتزيينه.
وثلاثة أشياء من فعال الفقيه: أولهما: أن يتكلم في أمر الدين في الحلال والحرام، حتى يوضح للناس بيان الحق من الباطل، والثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لقوله تعالى: (كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) . والثالث: يتكلم بالفتيا والقضاء بين الناس، ولا يصيب الفقيه الفقه إلا بالتذكرة والمناظرة مع الفقهاء والبصراء في أمر الدين.
[تفسير الوقف وضده التعجيل]
[باب تفسير الوقف]
أولها: بتذكرة خوف العاقبة، والثاني: بتذكرة خاتمة العقل، والثالث: بتذكرة خوف خاتمة الأمل وخوف خاتمة الأجل، والرابع: بتذكرة الجزاء، والخامس بتذكرة العذاب، والسادس: بتذكرة الله، والسابع: بتذكرة الحفظة، والثامن: بتذكرة خوف مفاجأة ملك الموت، والتاسع: بتذكرة منفعة الوقف، فإن لم تكن هذه التسعة إلاّ واحدة فالوقف يكون بذلك، وشكل الوقف الحلم، وضد الوقف التعجيل.
علامات الواقف ثلاث