للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولهذا خُصَّ في الحديث ذِكْرُ المرأة دون سائر الأعراض الدنيوية، ثمَّ أُتبِع بالدنيا. (١)

وذكر النوويُّ سؤالًا: وهو كيف ذُكرت المرأةُ مع الدنيا مع أنها داخلةٌ فيها؟ فأجاب: أنَّه لا يلزم دخولها في هذه الصيغة؛ لأنَّ لفظة دنيا نكرة وهي لا تعمُّ في الإثبات، فلا يلزم دخول المرأة فيها. الثاني: أنَّه جاء أنَّ سبب هذا الحديث مهاجر أمِّ قيس. الثالث: أنَّه للتنبيه على زيادة التحذير. (٢)

ثمَّ في رواية: "فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله، فهجرتُه إلى الله ورسوله"، المقرَّر عند أهل العربية أنَّ الشرط والجزاء والمبتدأ والخبر يتغايرانِ، وهنا وقعَ الاتحادُ؟ وجوابه: أنَّ التقدير: فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله نيَّةً (٣) وقصدًا، فهجرتُه إلى الله ورسوله حُكْمًا وشرعًا. (٤)

وفائدة التكرار، ولم (١٩/ و) يقل: فهجرتُه إليهما أدبٌ من النّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لئلَّا يجمع بين ذِكْر الله ورسوله.

فقد ورد الإنكارُ على الخطيب الذي قال: "من يُطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يَعصهما فقد غوى"، فقال له عليه السلام: "بئس الخطيب أنت". (٥)

وقوله: "ومن كانت هجرتُه إلى دُنيا" هي بضمِّ الدال على المشهور.

وحكى ابن قتيبة وغيرُه كسرَها، وهي من دنوتُ لدُنُوِّها وسبقها لدار الآخرة. (٦)

وفي حقيقتها قولانِ للمتكلِّمين: أحدها: ما على الأرض من الهواء والجوِّ.


(١) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ٦٢).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٣/ ٥٥).
(٣) من هامش الأصل.
(٤) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ٦٢).
(٥) صحيح مسلم (٤٨/ ٨٧٠).
(٦) أدب الكاتب، لابن قتيبة (ص ٤٢٥، ٦٠٣).

<<  <   >  >>