للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المفهومة المعنى غير مفتقرة إلى النيَّة (١٧/ و)، والوضوء فيه شبه؛ فلذلك وقع الاختلاف فيه؛ لأنَّه يجمع عبادةً ونظافةً. (١)

واستدلَّ أيضًا لمن يقول: بعدم وجوب النيَّة في الوضوء بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) (المائدة: ٦) الآية.

قالوا: إنما أُمر بغسل هذه الأعضاء الأربعة في الوضوء، وقد فعل ما أُمر به.

وبالحديث الذي علَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأعرابيَّ الوضوءَ فيه (٢)، ولم يذكر النيَّة؛ لأنَّه علَّمه المجْزِئَ، والأعرابيُّ كان جاهلًا بأحكام الوضوء، ولو كانت النيَّة شرطًا في الوضوء لبيَّنها عليه السلام للأعرابيِّ؛ لأنَّ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

واستدلَّ أيضًا بحديث أمِّ سلمة في صحيح مسلم: أنَّ النبي عليه السلام علَّمها فقال: "إنما يكفيكِ أنْ تحثي على رأسكِ ثلاثَ حثيات" (٣). فعلَّمها الغسلَ الكامل بقوله: "ثلاث حثيات"، وإلا فالحثية الواحدة المستوعبَة كافيةٌ بحصول الطهارة، ولم يذكر لها النيَّة.

(١٨/ ظ) وقوله: "وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى"، قال السفاقسي: رُوِّيناه بكسر الراء. وكذلك لغة القرآن، وأنَّه معرب في حرفين من آخره. وفيه ثلاث لغات: إذا جئتَ بألف الوصل تعرب من مكانين، كما تقدَّم.

واللغة الثانية: فتح الراء على كلِّ حالٍ، وإعرابها على كلِّ حالٍ. ولا جمع له من لفظه.

قال النوويُّ: قالوا فائدة ذكر الثاني بعد الأول: بيان اشتراط تعيين المنوي، فإنْ


(١) بداية المجتهد (١/ ١٥).
(٢) يقصد ما أخرجه النسائي في سننه (١/ ٨٨ رقم ١٤٠) عن عبد الله بن عمرو: قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوءَ ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: «هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم».
(٣) صحيح مسلم (٥٨/ ٣٣٠)

<<  <   >  >>