للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمِنْهُم الْفَقِيه أَبُو الْفَتْحِ نصر بن إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِي رَحمَه اللَّه

مُتَأَخّر الْوَفَاة أدركنَا جمَاعَة مِمَّن أدْركهُ وتفقه بِهِ وَكَانَ قد تفقه عِنْد أَبِي الْفَتْح سليم بن أَيُّوب الرَّازِيّ بصور ثمَّ رَحل إِلَى ديار بكر وتفقه عِنْد أَبِي عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن بَيَان الكازروني الْفَقِيه وَسمع الحَدِيث بِدِمَشْقَ وَغَيرهَا من جمَاعَة ودرس الْعلم بِبَيْت الْمُقَدّس مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى صور فَأَقَامَ بهَا عشر سِنِين ينشر الْعلم بهَا مَعَ كَثْرَة الْمُخَالفين لَهُ من الرافضة ثمَّ انْتقل مِنْهَا إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا تسع سِنِين يحدث ويدرس ويفتي على طَريقَة وَاحِدَة من الزّهْد فِي الدُّنْيَا والتنزه عَن الدنَايا والجري على منهاج السّلف من التقشف وتجنب السلاطين وَرفع الطمع والاجتزاء باليسير مِمَّا يصل إِلَيْهِ من غلَّة أَرض كَانَت لَهُ بنابلس يَأْتِيهِ مِنْهَا مَا يقتاته وَلَا يقبل من أحد شَيْئا

سَمِعت من يَحْكِي أَن تَاج الدولة تتش بن البارسلان زَارَهُ يَوْمًا فَلم يقم لَهُ وَسَأَلَهُ عَن أحل الْأَمْوَال الَّتِي يتَصَرَّف فِيهَا السُّلْطَان فَقَالَ الْفَقِيه أحلهَا أَمْوَال الْجِزْيَة فَخرج من عِنْده وَأرْسل إِلَيْهِ بمبلغ من المَال وَقَالَ هَذَا من مَال الْجِزْيَة ففرقه على الْأَصْحَاب وَلم يقبله وَقَالَ لَا حَاجَة بنَا إِلَيْهِ فَلَمَّا ذهب الرَّسُول لامه الْفَقِيهُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهِ بن مُحَمَّد وَقَالَ لَهُ لقد علمت حاجتنَا إِلَيْهِ فَلَو كنت قبلته وفرقته فينَا فَقَالَ لَهُ لَا تجزع من فَوته فَسَوف يَأْتِيك من الدُّنْيَا مَا يَكْفِيك فِيمَا بعدفكان كَمَا تفرس فِيهِ رَحْمَة اللَّه

وَسمعت بعض من صَحبه يَقُول لَو كَانَ الْفَقِيه أَبُو الْفَتْحِ فِي السّلف لم تقصر دَرَجَته عَن وَاحِد مِنْهُم

<<  <   >  >>