للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْهُم الإِمَام ابْن الإِمَام أَبُو نصر بن أبي الْقسم الْقشيرِي رَحمَه اللَّه

كتب إليَّ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِي قَالَ عبد الرَّحِيم ابْن عَبْدِ الْكَرِيم بن هوَازن الْقشيرِي أَبُو نصر إِمَام الْأَئِمَّة وَحبر الْأمة وَهُوَ الأول من ولد الإِمَام بعد الْعصبَة الدقاقية من أَوْلَاده أشبههم بِهِ خلقا حَتَّى كَأَنَّهُ شقّ مِنْهُ شقا رباه أحسن تربية وزقه الْعَرَبيَّة فِي صباه زقا حَتَّى تخرج بِهِ وبرع فِيهَا وكمل فِي النثر وَالنّظم فحاز فيهمَا قصب السَّبق وَكَانَ يبث السحر بأقلامه على الرّقّ استوفى الْحَظ الأوفى من علم الْأُصُول وَالتَّفْسِير تلقيا من وَالِده ورزق من السرعة فِي الْكِتَابَة مَا كَانَ يكْتب كل يَوْم طاقات على الإتعياد لَا يلْحقهُ فِيهِ كَبِير مشقة حَتَّى حصل أنواعا من الْعُلُوم الدقيقة والحساب الَّذِي يحْتَاج فِيهِ إِلَى علم الشَّرِيعَة وَلما توفى أَبُوه انْتقل إِلَى مجْلِس إِمَام الْحَرَمَيْنِ وواظب على درسه وصحبته لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَزِمَه عشيا وإبكارا حَتَّى حصل طَرِيقَته فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وجرد عَلَيْهِ الْأُصُول وَكَانَ الإِمَام يعْتد بِهِ ويستفرغ أَكثر أَيَّامه مَعَه مستفيدا مِنْهُ بعض مسَائِل الْحساب فِي الْفَرَائِض والدور والوصايا فَلَمَّا فرغ من تَحْصِيل الْفِقْه تأهب لِلْخُرُوجِ إِلَى الْحَج وَحين وصل إِلَى بَغْدَاد وَعقد الْمجْلس وَرَأى أهل بَغْدَاد فَضله وكماله وعاينوا خصاله بدا لَهُ من الْقبُول عِنْدهم مَا لم يعْهَد مثله لأحد قبله وَحضر مَجْلِسه الْخَواص وَلزِمَ الْأَئِمَّة مثل الإِمَام أبي اسحق الشِّيرَازِيّ رَحمَه اللَّه الَّذِي هُوَ فَقِيه الْعرَاق فِي وقته عتبَة منبره وأطبقوا على أَنهم لم يرَوا مثله فِي

<<  <   >  >>