للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبحره وَخرج إِلَى الْحَج وَلما عَاد كَانَ الْقبُول عَظِيما وزائدا على مَا كَانَ من قبل وَبلغ الْأَمر فِي التعصب لَهُ مبلغا كَاد يُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَة وقلما كَانَ يَخْلُو مَجْلِسه من إِسْلَام جمَاعَة من أهل الذِّمَّة وَخرج بعد من قَابل رَاجعا إِلَى الْحَج فِي أكمل حُرْمَة وترفه فِي خدمَة من أَمِير الْحَاج وَأَصْحَابه وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَأمر الْقبُول بِحَالهِ والفتنه مشرئبة تكَاد تضطرم فَبعث إِلَيْهِ نظام الْملك يستحضره من بَغْدَاد يَعْنِي إِلَى أَصْبَهَان فَأكْرم مورده وَبَقِي أهل بَغْدَاد عطاشا إِلَيْهِ وَإِلَى كَلَامه مِنْهُم من لم يفْطر عَن الصَّوْم سِنِين بعده وَمِنْهُم من لم يحضر من بعده مجْلِس تذكير قطّ وَأَشَارَ الصاحب عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى خُرَاسَان وَوَصله بصلات سنية وَدخل قزوين وَلَقي بهَا قبولا تَاما وَحصل مِنْهُم على قريب من ألف دينَار وَلما عَاد استقبله الْأَئِمَّة والصدور وَكَانَ يواظب بعد مَا لَقِي من الْقبُول على درس الإِمَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ ويشتغل بِزِيَادَة التَّحْصِيل وَكَانَ أَكثر صغوا فِي آخر أَيَّامه إِلَى الرِّوَايَة قَلما يَخْلُو يَوْم من أَيَّامه إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه عَن مجْلِس الحَدِيث أَو مجلسين وَتُوفِّي عديم النظير فريد الْوَقْت بَقِيَّة أكَابِر الدُّنْيَا ضحوة يَوْم الْجُمُعَة الثَّامِن وَالْعِشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع عشرَة وَخَمْسمِائة

وَمن ظريف مَا حُكيَ من أَحْوَاله قَالَ مَرضت بِمَكَّة مَرضا شَدِيدا مخوفا أَيِست فِيهِ من الْحَيَاة فَدخل عَليّ الشَّيْخ مكي لم أعرفهُ وَلم أطلبه وَبِيَدِهِ مِفْتَاح الْكَعْبَة وَهُوَ من بَنِي شيبَة خَزَنَة الْبَيْت فَقَالَ لي افْتَحْ ففتحت فمي فَأدْخل الْمِفْتَاح فِي فمي وأداره فِيهِ ثمَّ مسح سَائِر أعضائي بذلك الْمِفْتَاح على لين

<<  <   >  >>