للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للأحاديث التي لم يسبقوا إلى الحكم عليهان كما تتناول الصحيح. وقد حسن جماعة كثيرون كما ذكر السيوطي أحاديث صرح الحفاظ بتضعيفها، وقد حسن الحافظ المزي حديث "طلب العلم فريضة على كل مسلم" مع تصريح الحفاظ بتضعيفه.

وأما الحافظ ابن حجر فرأى أن مجرد مخالفة العلماء لابن الصلاح ليست كافية من غير إقامة دليل ولا بيان تعليل، فعمد إلى مناقشة ما استدل به أبو عمرو. فنقض احتجاجه بوقوع الخلل في الأسانيد بأنه لا يدل على التعذر إلا في جزء ينفرد بروايته من وصف بذلك التساهل.

ثم قال الحافظ رحمه الله: "ما اقتضاه كلامه من قبول التصحيح من المتقدمين ورده من المتأخرين قد يستلزم رد ما صحيح وقبول ما ليس بصحيح. فكم من حديث حكم بصحته إمام متقدم اطلع المتأخر فيه على علة قادحة تمنع من الحكم بصحته، ولا سيما إن كان ذلك المتقدم ممن لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن، كابن خزيمة وابن حبان" (١).

وقد أثارت هذه المناقشات اهتمام الإمام السيوطي فكتب في المسألة بحثا خاصا سماه "التنقيح لمسألة التصحيح" (٢) جنح فيه إلى التوفيق بين رأي ابن الصلاح ورأي من خالفه، وخرج مذهب ابن الصلاح تخريجا حسنا فقال (٣):

"والتحقيق عندي أنه لا اعتراض على ابن الصلاح ولا مخالفة بينه وبين من صحح في عصره أو بعده، وتقرير ذلك أن الصحيح قسمان:

صحيح لذاته، وصحيح لغيره، كما هو مقرر في كتاب ابن الصلاح


(١) تدريب الراوي: ٨١ - ٨٢.
(٢) مخطوط في الظاهرية في مجموع رقم/ ٥٨٩٦/ عام.
(٣) ورقة ٣٩ ب.

<<  <   >  >>