للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجمع على تركه". قال ابن منده: "وكذلك أبو داود السجستاني يأخذ مأخذه ويخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره لأنه أقوى عنده من رأي الرجال".

وهذا مذهب الإمام أحمد فإنه قال: "إن ضعيف الحديث أحب إليه من رأي الرجال لأنه لا يعدل إلى القياس إلا بعد عدم النص" (١).

وقد تأول جماعة من العلماء (٢) هذه الروايات بأن المراد بها معنى آخر غير المعنى المتعارف لكلمة "ضعيف"، وهذا المعنى المراد هو "الحسن"، لأنه ضعف عن درجة الصحيح.

لكن هذا التأويل يشكل عندنا بما قاله أبو داود (٣) ولفظه:

"وإن من الأحاديث في كتابي السنن ما ليس بمتصل، وهو مرسل ومدلس، وهو إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل، وهو مثل: الحسن عن جابر، والحسن عن أبي هريرة، والحكم عن مقسم عن ابن عباس ... ".

حيث جعل أبو داود الحديث غير المتصل صالحا للعمل عند عدم الصحيح، ومعلوم أن المنقطع من أنواع الحديث الضعيف لا الحسن.

كما أنه على تأويل الضعيف بالحسن لا معنى لتخصيص هؤلاء الأئمة بالعمل به به وتقديمه على القياس، لأن هذا مذهب جماهير العلماء.

المذهب الثاني: يستحب العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال من المستحبات والمكروهات، وهو مذهب جماهير العلماء من


(١) علوم الحديث: ٣٣ - ٣٤. والتدريب: ٩٧.
(٢) انظر النقول عنهم في التعليقات الحافلة على الأجوبة الفاضلة: ٤٧ - ٤٨.
(٣) في رسالته إلى أهل مكة: ٧.

<<  <   >  >>