للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ب - حجة التجسيم والتركيب، حيث زعموا أن إثبات بعض الصفات كالوجه واليدين، أو الاستواء، أو العلو، أو النزول، أو غيرها، يلزم منه التجسيم، أو التركيب، وبنوا نفي الجسم على أن الأجسام متماثلة فيلزم من إثباتها أن يكون الله مثل الأجسام. كما بنوا نفي التركيب على أنه لا بد له من مركب، وعلى أن المركب مفتقر إلى جزئه (١).

ج - حجة الاختصاص، وخلاصتها أنهم قالوا: إن أجزاء العالم مفتقرة إلى ما يخصصها بما لها من الصفات الجائزة لها، وكل ما كان كذلك فهو محدث. وبنوا ذلك إما على تناهي الأجسام وأنه لا بد لها من شكل معين ومقدار معين، أو على اجتماع الأجسام وافتراقها بناء على مسألة الجوهر الفرد (٢). وقالوا كل ما كان مفتقرا إلى المخصص فهو محدث، فالأجسام والجواهر حادثة (٣). ثم قال هؤلاء إن اختصاص الباري بالقدر والحد يقتضي مخصصا، واختصاصه بالجهة يقتضي مخصصا، وهذا باطل.

[ثانيا: موقفهم من أدلة السمع المثبتة للصفات]

وقد بنوا ذلك على أدلتهم العقلية، حيث إنهم قالوا بتقديم العقل على السمع عند التعارض، ومن ثم كان خلاصة موقفهم من الأدلة السمعية التي جاءت بإثبات الصفات التي نفوها أو أولوها:

أ - من ناحية الثبوت - قالوا عن أخبار الآحاد: إنها لا يحتج بها في العقيدة.

ب - من ناحية الدلالة - وذلك في مثل دلالة القرآن - الذي لا يشك أحد في ثبوته - أو الحديث عند من يرى الاحتجاج به في العقائد - فقد قالوا فيها: إنها من المتشابه، وحينئذ فسبيلها أحد أمرين:

- إما التفويض.

- أو التأويل عن طريق المجاز وغيره.


(١) انظر: درء التعارض (٤/ ٢٧٢، ٧/ ١٤١ - ١٤٢).
(٢) الجوهر الفرد، ويسمى: الجزء الذي لا يتجزأ، أو الذرة، ويعرف بأنه: متحيز لا ينقسم لا بالفك والقطع، ولا بالوهم والغرض [الصحائف الإلهة: السمرقندي ص: ٢٥٥]، أو هو: جوهر لا يقبل الانقسام أصلا، ولا بحسب الخارج، لا بحسب الوهم أو الغرض العقلي [التعريفات ص: ٤١]، وانظر: المعجم الفلسفي- مجمع اللغة- (ص: ٨٨)، والمعجم الفلسفي- صليبا (١/ ٥٨٨، ٤٢٧، ٤٠٠)، وانظر: مسألة في إثبات الجوهر الفرد للشهرستاني (ص: ٥٠٥ - ٥١١) - طبعت في ذيل نهاية الإقدام، وانظر أيضا مذهب الذرة عند المسلمين بينيس (ص: ١ - ١٦).
(٣) انظر: درء التعارض (٣/ ٣٥١ - ٣٥٣).

<<  <   >  >>