للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ب- ولو قالوا: إن إبراهيم عليه السلام أراد بقوله: {قَالَ هَذَا} رب العالمين "لكانت قصة الخليل حجة على نقيض مطلوبهم؛ لأن الكوكب والقمر والشمس ما زال متحركا من حين بزوغه إلى عند أفوله وغروبه، وهو جسم متحرك متحيز صغير، فلو كان مراده هذا للزم أن يقال: ان إبراهيم لم يجعل الحركة والانتقال مانعة من كون المتحرك المنتقل رب العالمين، بل ولا كونه صغيرا بقدر الكواكب والشمس والقمر. وهذا- مع كونه لا يظنه عاقل ممن هو دون إبراهيم صلوات الله وسلامه عليهم فإن جوزوه عليه كان حجة عليهم لا لهم" (١).

ج- أن مقصود إبراهيم عليه الصلاة إثبات التوحيد لله، لا إثبات الصانع. بخلاف ما ظنه هؤلاء (٢).

د- أن إبراهيم- عليه السلام- "قال: {قَالَ لَا أُحِبُّ} فنفي محبته فقط ولم يتعرض لما ذكروه" (٣).

هـ- "أن الأفول هو المغيب والاحتجاب، ليس هو مجرد الحركة والانتقال، ولا يقول أحد- لا من أهل اللغة ولا من أهل التفسير- إن الشمس والقمر في حال مسيرهما في السماء: إنهما آفلان، ولا يقول للكواكب المرئية في السماء، في حال ظهورها وجريانها: إنها آفلة، ولا يقول عاقل لكل من مشى وسافر وسار وطار: إنه آفل" (٤).

وقد اعترف العز بن عبد السلام بأن استدلال المتكلمين بهذه الآية مشكل غاية الإشكال، وبين ذلك بما ينقض استدلالهم (٥).

كما "أن هذا القول الذي قالوه لم يقله أحد من علماء السلف، أهل التفسير، ولا من أهل اللغة، بل هو من التفسيرات المبتدعة في الإسلام كما ذكر ذلك عثمان بن سعيد الدارمي وغيره من علماء السنة، وبينوا أن هذا من التفسير المبتدع" (٦).


(١) انظر: درء التعارض (١/ ٣١٣)، وانظر: منهاج السنة (٢/ ١٤٤) - المحققة.
(٢) انظر: شرح الأصفهانية (ص: ١٣٧) - ت السعوي-.
(٣) بغية المرتاد (المسمى بالسبعينية) (ص: ٣٦٠).
(٤) انظر: درء التعارض (١/ ٣١٣ - ٣١٤)، انظر في مادة أفل: الصحاح للجوهرى، ومعجم مقاييس اللغة (١/ ١١٩).
(٥) انظر: فوائد في مشكل القرآن للعز بن عبد السلام (ص: ١١٩).
(٦) انظر: درء التعارض (١/ ٣١٤).

<<  <   >  >>