للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأنثيان إِلَى أعالي موضعهما وتخضر أنامله

فَلَا تسْأَل عَن بدن يجذب مِنْهُ كل عرق من عروقه وَلَو كَانَ المجذوب عرقا وَاحِدًا لَكَانَ ألمه عَظِيما فَكيف والمجذوب نفس الرّوح المتألم وَلَيْسَ هُوَ من عرق وَاحِد بل من الْعُرُوق كلهَا

ثمَّ يَمُوت كل عُضْو من أَعْضَائِهِ تدريجا فتبرد أَولا قدماه ثمَّ ساقاه ثمَّ فخذاه وَلكُل عُضْو سكرة بعد سكرة وكربة بعد كربَة حَتَّى يبلغ بهَا الْحُلْقُوم فَعِنْدَ ذَلِك يَنْقَطِع نظره عَن الدُّنْيَا وَأَهْلهَا وينغلق دونه بَاب التَّوْبَة وتحيط بِهِ الندامة وَالْحَسْرَة

ويروى أَن العَبْد يَقُول لملك الْمَوْت عِنْد الْمَوْت يَا ملك الْمَوْت أخرني يَوْمًا استعتب فِيهِ وَأَتُوب إِلَى رَبِّي وأعمل صَالحا فَيَقُول لَهُ فنيت الْأَيَّام فَلَا يَوْم فَيَقُول أخرني سَاعَة فَيَقُول فنيت السَّاعَات فَلَا سَاعَة فتبلغ الرّوح الْحُلْقُوم فَيُؤْخَذ بكظمه عِنْد الغرغرة فيغلق بَاب التَّوْبَة دونه ويحجب عَنْهَا وتنقطع الْأَعْمَال وتطوى الصُّحُف وتتم الْأَوْقَات ويبقي عدد الأنفاس يشْهد فِيهَا المعاينة عِنْد كشف الغطاء فَيحد بَصَره فَإِذا كَانَ فِي آخر نفس يُدْرِكهُ مَا سبق لَهُ من السَّعَادَة فَتخرج روحه على الْإِيمَان فَذَلِك حسن الخاتمة أَو يُدْرِكهُ مَا سبق لَهُ من الشقاوة فَتخرج روحه على الْكفْر أَو الشَّك وَذَلِكَ سوء الخاتمة ونعوذ بِاللَّه ثمَّ نَعُوذ بِاللَّه

وَأنْشد بَعضهم

كَأَنِّي بنفسي على ضعفها ... تجرع رغما كؤوس الردى

وَقد كشف الله عَنْهَا الغطا ... فحنت هُنَاكَ لكشف الغطا

ومدت إِلَيْهَا يَد فظة ... لفظ غليظ شَدِيد القوى

فَمَا شِئْت من نفس ضيق ... وجذب عروق وَقطع الحشا

وَنَفس تساق أَشد مساق ... فتضغط فِي لَهَوَات الْفَتى

وَلَا دَافع يرتجى دَفعه ... وَلَا قَائِل مَا بِهِ يفتدى

وَمَالِي انتصار وَلَا لي قَرَار ... وَمَالِي من حِيلَة ترتجى

<<  <   >  >>