فكمن لَيْلًا فِيهَا فَمر قطيع مِنْهَا فَرَمَاهُ فمرق مِنْهُ السهْم فَظن أَنه أَخطَأ ثمَّ لم يزل يفعل ذَلِك حَتَّى أفنى الأسهم الْخَمْسَة فِي خَمْسَة أعيار وَقد أَصَابَهَا كلهَا وَهُوَ يظنّ أَنه أخطأها فَأَنْشَأَ يَقُول
(أبعد خمس قد حفظت عدهَا ... أحمل قوسى فَأُرِيد ردهَا)
(أخزى الْإِلَه لينها وشدها ... وَالله لَا تسلم عندى بعْدهَا)
(وَلَا أَرْجَى مَا حييت رفدها ... )
ثمَّ عمد إِلَى الْقوس فَضرب بهَا حجرا وَكسرهَا ونام فَلَمَّا اصبح نظر إِلَى الأعيار مصرعة حوله وأسهمه مضرجة فندم على كسر الْقوس فَشد على إبهامه فقطعها وَأَنْشَأَ يَقُول
(نَدِمت ندامة لَو أَن نفسى ... تطاوعنى إِذن لَقطعت خمسى)
(تبين لى سفاه الرأى منى ... لعمر وَأَبِيك حِين كسرت قوسى)
وسارت ندامته مثلا فِي كل نادم على مَا جنته يَدَاهُ كَمَا قَالَ الفرزدق لما طلق امْرَأَته نوار وَنَدم عَلَيْهَا
(نَدِمت ندامة الكسعى لما ... غَدَتْ منى مُطلقَة نوار)
(وَكنت كفاقئ عَيْنَيْهِ جهلا ... فَأصْبح لَا يضئ لَهُ نَهَار)
(وَكَانَت جنتى فَخرجت مِنْهَا ... كآدم حِين لج بِهِ الْفِرَار)
وَقَالَ آخر
(نَدِمت ندامة الكسعى لما ... رَأَتْ عَيْنَاك مَا صنعت يداك)
١٨٩ - (عَدو السليك) هُوَ السليك بن السلكة الذى يُقَال لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute