وَحكى أَن ذبابا وَقع على أنف الْمَنْصُور وَهُوَ يخْطب فحرك رَأسه ليطرده وَكَانَ الْخُلَفَاء لَا يحركون أَيْديهم على المنابر فطار حَتَّى سقط على رَأسه فحركها فطار حَتَّى وَقع على عينه فحرك رَأسه فطار حَتَّى وَقع على عينه الْأُخْرَى حَتَّى أضجره فذبه بِيَدِهِ فَلَمَّا نزل سَأَلَ عَمْرو بن عبيد لم خلق الله الذُّبَاب فَقَالَ ليذل بِهِ الْجَبَابِرَة ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى {وَإِن يسلبهم الذُّبَاب شَيْئا لَا يستنقذوه مِنْهُ ضعف الطَّالِب وَالْمَطْلُوب}
٨١٤ - (لجاج الذُّبَاب) حكى الجاحظ فى لجاج الذُّبَاب مَا هُوَ نِهَايَة الفصاحة والاتساع قَالَ كَانَ عندنَا بِالْبَصْرَةِ قَاض يُقَال لَهُ عبد الله بن سوار لم ير النَّاس حَاكما ذكيا وَلَا وقورا رزينا ضبط من نَفسه وَملك من حركته مثل الذى ضبط وَملك وَكَانَ يصلى الْغَدَاة فى منزله وداره قريبَة من مَسْجده ثمَّ يأتى مَجْلِسه فيحتبى وَلَا يتكى وَيبقى منتصبا لَا يَتَحَرَّك لَهُ عُضْو وَلَا يلْتَفت وَلَا يحل حبوته وَلَا يحول رجلا عَن رجل وَلَا يعْتَمد على أحد شقيه حَتَّى كَأَنَّهُ بِنَاء مبْنى وصخرة مَنْصُوبَة فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يقوم لصَلَاة الظّهْر ثمَّ يعود إِلَى مَجْلِسه فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يقوم إِلَى صَلَاة الْعَصْر ثمَّ يرجع إِلَى مَجْلِسه فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يقوم لصَلَاة الْمغرب ثمَّ رُبمَا عَاد إِلَى مَجْلِسه بل كثيرا مَا يكون ذَلِك إِذا بقى عَلَيْهِ شىء من قِرَاءَة العهود والسجلات ثمَّ يصلى الْعشَاء الْأَخِيرَة وينصرف فَالْحق يُقَال لم يقم طول تِلْكَ الْمدَّة وَالْولَايَة مرّة وَاحِدَة من مَجْلِسه إِلَى وضوء وَلَا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَلَا شرب مَاء وَلَا غَيره من الشَّرَاب كَذَلِك كَانَ شَأْنه فى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute