للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول إِن الَّذِي أعَاد لنا الْمَنَام خياله فأراناه فِي النّوم كَانَ ذَلِك الَّذِي أرانا خيال خياله يَعْنِي أَنا كُنَّا نصور لأنفسنا فِي الْيَقَظَة خياله فَالَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي النّوم كَانَ خيال ذَلِك الَّذِي يتَصَوَّر لنا فَهُوَ خيال الخيال وَهَذَا الْبَيْت تَأْكِيد لما قبله من أَنه يداوم على ذكر الحبيب وَذكر حَال الْفِرَاق والوداع وَابْن جنى يَقُول إِنَّمَا رَأينَا الْآن فِي النّوم شَيْئا كَمَا رَأَيْنَاهُ فِي النّوم قبل فَصَارَ مَا رؤى ثَانِيًا خيال مَا رَأَيْنَاهُ أَولا وَالَّذِي رؤى أَولا هُوَ خياله فَصَارَ الثَّانِي خيال الخيال وَهَذَا كَلَامه وَهُوَ بَاطِل لِأَنَّهُ إِذا رَآهُ ثَالِثا صَار خيال خيال خياله، وَكَذَا فِي الرَّابِع وَهَذَا لَا يَنْقَطِع وَقَوله المعيد لنا الْمَنَام خياله يجوز أَنه يُرِيد بِهِ الِابْتِدَاء فَسَماهُ إِعَادَة وَإِن لم يحلم بِهِ قبل وَالْعود قد يُطلق على الِابْتِدَاء وَمِنْه قَول الآخر

(وَماءٌ كَلَوْنِ الزَّيْتِ قَدْ عادَ آجِنا ... )

يُرِيد صَار آجنا وَيجوز أَن يُرِيد الْإِعَادَة على حَقِيقَتهَا وَقَوله كَانَت إِعَادَته أَي وَقعت وحصلت وَلَا يحْتَاج فِي الْكَوْن إِذا كَانَ بِمَعْنى الْوُقُوع إِلَى الْخَبَر وَنصب خياله بِالْإِعَادَةِ لَا بِخَبَر كَانَ انْتهى كَلَامه وَالْمعْنَى أَن الَّذِي أعَاد لنا الْمَنَام خياله كَانَت تِلْكَ الْإِعَادَة لخفة وقعتها وتقاصر مدَّتهَا من ذَلِك الخيال كالخيال الَّذِي لَا حَقِيقَة لَهُ وَلَا شِفَاء للعاشق بِهِ

٣ - الْمَعْنى أَنه وصف حَاله عِنْد زِيَارَة الطيف لَهُ وَمَا قرب لَهُ بذلك من الْبعيد وَأمكنهُ من العسير فَقَالَ إِنَّه بَات يتَنَاوَل المدام من كف محبوبه وَذَلِكَ المحبوب لَا يخْطر بِبَالِهِ رُؤْيَته لَهُ لتباعده عَنهُ وَلَا يتوهمها لانفصاله بالمسافة المتراخية مِنْهُ والشاعر يَجْعَل مَا يرَاهُ فِي النّوم كَأَنَّهُ يرَاهُ فِي الْيَقَظَة وَمثله للبحتري

(أُردُّ دُونَكِ يَقْظانا وَيأْذَنُ لي ... عليكِ سُكْرُ الكَرَى إِن جِئتُ وَسْنانا)

وَمن قَول قيس بن الخطيم

(مَا تَمْنَعي يَقْظَي فَقَدْ تُؤْتِينَهُ ... فِي النَّوْم غَيْرَ مُصَرَّدٍ مَحْسُوبِ)

وللبحتري أَيْضا

(جَذْلانَ يسْمَحُ فِي الكَرَى بعِناقِهِ ... وَيَضِنُّ فِي غَيرِ الكَرَى بسَلامِهِ)

وَلأبي نواس

(إذَا الْتَقَى فِي النَّوْمِ طَيْفانا ... عادَا إِلَى الْكرَى الْوَصْل كَما كَانَا)

(يَا قُرَّةَ العَينِ فَمَا بالُنا ... نَشُقَى وَيَلْتَذُّ خَيالانا)

(لَوْ شِئْتِ إذْ أحْسِنْتِ لي نَائِما ... أتْمَمْتِ إحْسَانَكِ يَقْظانا)

<<  <  ج: ص:  >  >>