ويَنْبَغِي للشَّاعر أنْ يتأمَّلَ تأليفَ شِعْرِهِ، وتَنْسِيقَ أبياتِهِ، وَيَقِفَ على حُسْنِ تجاوُُرِهاَ أَو قُبْحِهِ فيُلائمُ بَينهَا لتَنتْظمِ لَهُ مَعَانِيهَا ويَتَّصِلَ كَلَامُه فِيهَا، وَلَا يَجْعَل بَين مَا قَدِ ابتَدَأ وَصْفَهُ وَبَين تَمامهِ فضلا من حَشْوٍ لَيْسَ من جِنسِ ماهو فِيهِ فَيُنسِيَ السَّامِعَ المَعْنَى الَّذِي يَسوقُ القَولَ إِلَيْهِ. كَمَا أَنه يَحْتَرِزُ مِنْ ذَلِك فِي كُلَّ بَيْتٍ فَلَا يُبَاعِدُ كَلِمَةً عَن أخْتها، وَلَا يَحُجِزُ بَينهَا وَبَين تَمامِها بِحَشْوٍ يَشِينهَا. ويَتفَقَّدُ كلَّ مِصْرَاعٍ هَلْ يُشَاكِلُ مَا قَبْلَهُ فَرُبَّما اتَّفَقَ للشَّاعرِبيتانِ يَضَعُ مِصَراع كلَّ وَاحدٍ مِنْهُمَا فِي مَوضع الآخر، فلَايَتَنبَّهُ على ذَلِك إلَاّ مَنْ دَقَّ نَظَرُه ولطفَ فَهْمُهُ.
ورُبَّما وَقَعَ الخَللُ فِي الشَّعر من جِهَةِ الرُّواةِ والنَّاقلينَ لَهُ فَيَسمَعونَ الشَّعرَ على جِهَتِهِ ويؤُدُّونَهُ على غَيرِهَا سَهْواً، وَلَا يَتَذَكّرون حَقيِقةَ مَا سَمِعُوهُ مِنْهُ كقولِ امريء القَيسِ:
(كأنَّي لم أركَبْ جَوَداً للَذَةٍ ... وَلم أتَبَطَّنْ كاعِباً ذاتَ خَلْخَالِ)
(وَلم أسْبَأ الزَّقَّ الرَّوِيَّ وَلمْ أقلْ ... لخَيلْي: كُرَّي كَرَّةً بعد إجفَالِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute