للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واحتجّ الكوفيُّون بأنَّ الْفِعْل يعْمل فِي الْمصدر وَالْعَامِل قبل الْمَعْمُول وَهَذَا لَا يصلح دَلِيلا على مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ من وَجْهَيْن

أَحدهمَا أنَِّ الِاشْتِقَاق يُوجد من جِهَة الْمعَانِي والتصريف لَا من بَاب الْعَامِل والمعمول وَالثَّانِي أنَّ الْحَرْف يعْمل فِي الِاسْم وَلَيْسَ الْحَرْف مشتّقاً من الِاسْم وَكَذَلِكَ الْفِعْل يعْمل فِي الْأَعْلَام والأجناس الَّتِي لَيست مصَادر وَلَا يقالُ هِيَ مشتقِّة مِنْهُ

[فصل]

وإنَّما سمّي الْمصدر مَفْعُولا مُطلقًا لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أنَّه الْمَفْعُول على التَّحْقِيق أَلا ترى أنَّ قَوْلك (ضربت) أَي أوجدت الضَّرْب بِخِلَاف قَوْلك ضربت زيدا فَإنَّك لم تُوجد زيدا وإنَّما أوجدت بِهِ فعلا

وَالثَّانِي أنَّ لفظ الْمصدر مجرَّد عَن حرف جرّ فَلَا يُقَال (بِهِ) وَلَا (فِيهِ) وَلَا (لَهُ) وَلَا (مَعَه) وإنَّما كَانَ كَذَلِك لأنَّه لَو قيل لَك - وَقد ضربت مثلا - مَا فعلت قلت الضَّرْب وَإِذا قيل لَك بِمن أوقعت الضَّرْب قلت بزيد فقيَّدته بِالْبَاء وَلَو قيل فِي أَي زمَان أَو فِي أَي مَكَان لَقلت فِي يَوْم كَذَا وَفِي مَكَان كَذَا وَلَو قيل لأيِّ غَرَض لقيل لكذا وَكَذَا فقد رَأَيْت كَيفَ تقيدت هَذِه المفاعيل بالحروف مَا عدا الْمصدر

[فصل]

والمصدر يذكر لأحد أَرْبَعَة اشياء

أَحدهَا توكيد الْفِعْل كَقَوْلِك ضربت ضربا ف (ضربا) نَائِب عَن قَوْلك (ضربت) مَّرةً أُخْرَى لأنَّ التوكيد يكون بتكرير اللَّفْظ وإنَّما عدلوا إِلَى الْمصدر كَرَاهِيَة إِعَادَة اللَّفْظ بِعَيْنِه ولأنَّ الْفِعْل الثَّانِي جملَة والمصدر لَيْسَ بجملة فَكَانَ أخصر وَأبْعد من التكرير وَالثَّانِي أَن يذكر لبَيَان النَّوْع كَقَوْلِك ضربت ضربا شَدِيدا ذكرت (ضربا) لتصفه بالشدَّة الَّتِي يدلُّ عَلَيْهَا الْفِعْل

وَالثَّالِث أَن يذكر لتبيين الْعدَد وَيحْتَاج فقي ذَلِك إِلَى زِيَادَة على الْمصدر وَتلك الزِّيَادَة (تَاء) التَّأْنِيث) نَحْو قَوْلك ضربت ضَرْبَة فإنَّ التَّاء تدلُّ على الْمرة وَهنا يثنَّى وَيجمع نَحْو ضربتين وضربات لأنَّ لفظ الْفِعْل لَا يدل على الْعدَد فَذكر الْمصدر لتحيل هَذِه الزِّيَادَة

<<  <  ج: ص:  >  >>