عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَأَلَ الأسقف عَن الْخُلَفَاء فحدَّثه حَتَّى انْتهى إِلَى نعت الرَّابِع فَقَالَ: صدع من حَدِيد. فَقَالَ عمر: وادفراه وروى: صدأ حَدِيد.
صدع الصَّدع: الوعل بَين الوعلين لَيْسَ بالغليظ وَلَا بالشخت. قَالَ الْأَعْشَى: ... قد يَتْرُكُ الدَّهْرُ فِي خَلْقَاء رَاسِيةٍ ... وَهْياً ويُنْزِلُ مِنْهَا الأَعْصَم الصَّدَعا ... وَإِنَّمَا يُوصف بذلك لِاجْتِمَاع الْقُوَّة والخفة لَهُ وَقد يُوصف بِهِ الرجل أَيْضا. وَمِنْه الحَدِيث: قَالَ سبيع بن خَالِد: قدمت الْكُوفَة فَدخلت الْمَسْجِد فَإِذا صدع من الرِّجَال فَقلت: من هَذَا قَالُوا: أما تعرفه هَذَا حُذَيْفَة صَاحب رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. أَي متوسط فِي خلقه لَا صَغِير وَلَا كَبِير شبهه فِي خفته فِي الحروب ونهوضه إِلَى مزاولة صعاب الْأُمُور حِين أفْضى إِلَيْهِ الْأَمر بالوعل لتوقله فِي شعفات الْجبَال والقلل الشاهقة. وَجعل الصدع من حَدِيد مُبَالغَة فِي وَصفه بالبأس والنجدة وَالصَّبْر والشدة. والهمزة فِيمَن رَوَاهُ صدأ بدل من الْعين كَمَا قيل أُباب فِي عباب. وَيجوز أَن يُرَاد بالصَّدأ السَّهك وَأَن تكون الْعين مبدلة من الْهمزَة فِي صدع كَمَا قيل: وَللَّه عَن يشفيك. يعْنى: دوَام لبس الْحَدِيد لاتصال الحروب حَتَّى يسهك. وَالْمرَاد عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَمَا حدث فِي أَيَّامه من الْفِتَن ومُني بِهِ من مقاتلة [٤٤] أهل الصَّلَاة (٧) ومناجرة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وملابسة الْأُمُور المشكلة والخطوب المعضلة وَلذَلِك قَالَ عمر: وادافراه والدّفر: النَّتن تضجراً من ذَلِك واستفحاشاً لَهُ. ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لِعبيد بن عبد الله بن عتبَة: حَتَّى مَتى تَقول هَذَا الشّعْر فَقَالَ عبيد الله: لَا بُد للمصدور أَن يسعلا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute