للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بدرٌ غدا يشرب شمساً غدتْ ... وحدّها في الحسن من حدّهِ

تغرب في فيه ولكنها ... من بعد ذا تطلع في خدِّهِ

ومثله، وهو أجود:

لو رام بحلف أنَّ الشمس ما غربت ... في فيه كذّبه في وجهه الشّفقُ

وأحسن من هذا:

وشادن طاف بالكؤوس ضحى ... وحثَّها والصبحُ ما وضحا

والروض مبد لنا زخارفه ... وآسه العنبريّ قد نفحا

قلنا فأينَ الأقاح قال لنا ... أودعتهُ ثغر من سقى القدحا

فظل ساقي المدام ينكر ما ... قال فلما تبسّمَ افتضحا

ومثله:

أصبحتْ شمساً وفوه مغربا ... ويد الساقي المحيي مشرقا

فإذا ما غربت في فمهِ ... أطلعت في الخدِّ منه شفقا

آخر:

ومهفهفٍ تمت محاسنه ... حتى تجاوز منيةَ النفس

في هذا البيت نظر لا يخفى على صاحب نظر.

أبصرته والكأس بين فم ... منه وبينَ أنامل خمسِ

فكأنه والكأسُ في فمهِ ... قمرٌ يقبّلُ عارض الشمسِ

عبد الله بن المعتز:

إن راحاً قال الإله لها كوني ... فكانتْ روحاً وريحاً وراحا

درةٌ حيثما أديرتْ أضاءتْ ... ومشمٌّ من حيثُ ما شمّ فاحا

وقال أبو تمام:

إذا عوتبتْ بالماء كانَ اعتذارها ... لهيباً كوقعِ النارِ في الحطبِ الجزلِ

إذا هي دبّتْ في الفتى ظنَّ قلبهُ ... لما دبَّ فيه قريةً من قرى النملِ

إذا ذاقها وهي الحياةُ رأيته ... يعبّسُ تعبيسَ المقدّمِ للقتلِ

ومن ها هنا قال الحسن بن رجاء لرجل شرب بحضرته كأساً فعبّس وجهه: ما أنصفتها تعبّس في وجهها وتضحك في وجهك. ومن هنا قال الآخر:

ما أنصفَ الندمانُ كأسَ مدامةٍ ... ضحكت إليه فذاقها بتعبُّسِ

وقال آخر:

ظفرنا بها في الدَّن بكراً وبينها ... وبين قطاف الكرم عادٌ وتبّعُ

فلما استقرت في الزجاج حسبتها ... سنا النار في داجٍ من الليل يلمعُ

وقد أحسن أبو تمام وقد أنفذ له بعض أصدقائه شراباً غير مرضيّ فكتب إليه:

قد رأينا دلائلَ المنعِ أو ما ... يشابه المنعَ باحتباسِ الرسولِ

وافتضحنا عند الندامى بما شا ... عَ لدينا من قبحِ وجهِ الشمولِ

فاجأتنا كدراءُ لم تسبَ عن تس ... نيم جريالها ولا السلسبيلِ

لا تهدَّى سبلَ العروق ولا تن ... سابُ في مفصل بغيرِ دليلِ

وهي نزرٌ لو أنها من دموع الصبِّ ... لم يشفَ منه حرُّ غليلِ

وكأنَّ الأناملَ اعتصرتْها ... بعدَ كدٍّ من ماء وجهِ البخيلِ

كم صديقٍ قد امتحنّا نداهُ ... واعتبرنا كثيرهُ بالقليلِ

ابن المعتز يصف الزق:

في مجلسٍ غابَ عنه عاذلهُ ... نطردُ عنّا الهمومَ بالطربِ

والزِّقُّ في روضةٍ تسيلُ دماً ... أوداجهُ جاثياً على الركبِ

قال أبو العباس عبد الله بن المعتز: سألت محمد بن يزيد يعني المبرد عن قول المسيب بن علس:

وصهباءَ يستوشي بذي اللّبِّ مثلها ... قرعتُ بها نفسي إذا الديكُ أعتما

تمزَّزتها صرفاً وقارعتُ دنَّها ... بعودِ أراكٍ مدَّةً فترنَّما

فلم يجيبني بجواب أرتضيه ثم سألت عنه أبا أحمد عبيد الله بن طاهر في دار أمير المؤمنين المعتضد فقال لي: معنى تستوشي أي تستخرج ما عند ذي اللب مثلها به، وذلك كما تقول: استوشيت الحديث من فلان إذا استخرجته، وقوله: قرعت بها نفسي أي شربتها فقرعتني، ويقال: امتلأت بها نفسي، ويروى مثلها ثم وقف عن تفسير قارعت دنها وخرج أمير المؤمنين من دار الخلوة ونحن في المنازعة فأمر بكتب رقعة إلى أبي العباس أحمد بن يحيى، يعني ثعلباً، فورد الجواب مسنداً عن أبي عمرو بن العلاء: إن المعنى ضربت دنّها بالعود فلما طنّ علمت أني قد شربت ما فيه وقرعته. وعن الأصمعي غنيت ووقعت على الدن بعود أراكٍ فترنم وعلا صوته.

إبراهيم بن سيار النظام:

ما زلتُ آخذ روح الدنّ في لطفٍ ... وأستبيح دماً من غير مذبوحِ

حتى انثنيتُ ولي روحان في جسدي ... والدّنّ مطّرحٌ جسم بلا روحِ

وقال آخر:

إذِ الأباريق حولي ... كأنهنَّ ظباءُ

مملآت ملاءً ... دموعهنَّ طلاءُ

ابن المعتز:

<<  <   >  >>