للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثامناً –إن الاستدلال بحدوث الأجسام وحدوث الأعراض ونحوها من الأدلة هي أدلة محرمة، لأن المتكلمين لما استدلوا بها جعلوها قواعد مطردة ليست خاصة بالمخلوق، بل عمموها فأدخلوا فيها الخالق والمخلوق، فما جعلوه دليلاً لحدوث المخلوق وإيجاده من العدم جعلوه من وجه آخر دليلاً على وجود الخالق وإيجاده لهذا الكون، وقطعوا بأن ما ثبت به الخلق والحدوث لا يصح أن يوصف به الخالق بوجه من الوجوه، فأداهم هذا إلى إنكار أمور مقطوع بها شرعاً ونصوصها وأدلتها من أوضح الأدلة والبراهين، ومع ذلك فقد أنكروها وردوها حتى يسلم لهم الاستدلال بتلك البراهين على وجود الله عز وجل، وخلقه لهذا العالم.

فقد أنكر المعتزلة سائر الصفات بدعوى أن إثباتها يدل على الحدوث والجسمية، وأنكر الأشاعرة والماتريدية الصفات الذاتية مثل الوجه واليد والعلو وغيرها بدعوى أن ذلك يدل على الجسمية، ونفوا أيضاً الصفات الفعلية مثل الاستواء والنزول والمجيء والإتيان والكلام بحرف وصوت بدعوى أن ذلك يدل على الحدوث، وليس لهم حجة على نفي ذلك إلا هذه المسالك التي استدلوا بها على إثبات وجود الله.

فهذا يدل على أنه مسلك محرم إذ أوصل القائلين به إلى تعطيل الباري جل وعلا، وإبطال النصوص الشرعية أو ردها وعدم قبولها. وكفى بهذا دليلاً على التحريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>