٢ - أن عدم العلم بكيفية الصفات لا ينفي الصفات ولا يقدح في الإيمان بها وإثباتها. لأن الله عز وجل أخبرنا بالصفة ولم يخبرنا بالكيفية وطلب منا الإيمان بها ولا تنافي في ذلك لأن هناك أشياء عديدة نؤمن بها من مخلوقات الله ونحن لا نعرف كيفيتها، منها الروح التي في الإنسان فإن الإنسان عاجز عن معرفة كنهها وحقيقتها مع أن الإنسان يحس بها ويشعر بها وقد أخبرنا الله بها في قوله:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}[الإسراء٨٥] فأخبرنا عن الروح ولم يعطنا عن كيفيتها علما فنحن نؤمن بها بدون أن نعرف كيفيتها وهذا لا يقدح في إيماننا بها. فكذلك ولله المثل الأعلى صفات الله عز وجل فجهلنا بكيفيتها لا ينفيها ولا يقدح في إيماننا بها.
٣ - أن من تكلم في الكيفية فقد افترى على الله عز وجل. وذلك أن الله أخبرنا عن صفاته ولم يخبرنا عن كيفيتها فبالتالي من كيّف صفات الله فقد افترى على الله عز وجل وقفا ما ليس له به علم، قال جل وعلا:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء٣٦] .
٤ - أن من زعم أن السلف فوضوا علم المعنى فقد أخطأ عليهم.
من النصوص السابقة يتبين لنا أن السلف أثبتوا الصفات إثباتا تاما وفوضوا علم الكيفية ونهوا عن الكلام في الكيفية فمن زعم أنهم مفوضة في الصفات بمعنى أنهم فوضوا علم معنى الصفة فقد كذب عليهم وافترى عليهم كما هو دعوى كثير من أهل الكلام من المعتزلة والأشاعرة الذين ينسبون إلى السلف تفويض معنى الصفات بمعنى أن تكون الآية والحديث الواردة في ذكر صفة من الصفات من الكلام الذي لا يعرفون معناه بل يفوضون علمه إلى الله عز وجل, وهذا خطأ عليهم وكلامهم السابق والكتب المصنفة في ذلك ظاهرة الدلالة على أن التفويض إنما هو في الكيفية وليس المعنى.