للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة الثالثة:

قطع الطمع عن إدراك كيفية اتصاف الباري جل وعلا بالصفات

مما يؤمن به السلف في باب صفات الله عز وجل أنهم يثبتونها ويؤمنون بها وهم في نفس الوقت يجهلون كيف يتصف الباري بها.

وذلك لأن الله عز وجل قد أخبرنا بالصفات ولكنه جل وعلا لم يخبرنا بالكيفية كما أخبرنا جل وعلا بأنه سبحانه لا يمكن أن يحاط به علما فقال جل وعلا: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه١١٠] وقال جل وعلا: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام١٠٣] .

فمن هنا كثر كلام السلف في أن الواجب على المسلم أن يؤمن بصفات الله عز وجل بلا كيف كما سبق أن ذكرنا ذلك عن العديد منهم وكما هو مشهور عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال: "الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة"

وعن شيخه ربيعة أنه قال: "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول".٢ فذهبت هذه المقولة أصلا من أصول أهل السنة وهي أن الاستواء معلوم معنىً لأن الاستواء في اللغة العلو والارتفاع، أما كيفية استواء الخالق على العرش فهي مجهولة ولا نعقل كيف يكون ذلك، والإيمان بالاستواء واجب شرعا لورود النصوص العديدة به.

ونزيد هذه القاعدة المهمة توضيحا بما يلي:

١_ أن العقل قاصر عن إدراك ومعرفة كيفية صفات الله عز وجل وذلك أن العقل لا يمكن أن يتخيل ولا أن يتصور إلا ما رآه أو رأى شبيها له، والله عز وجل غيب عنا فلم نره ولم نر شبيها له فلا يمكن أن نكيف صفاته كما أنه جل وعلا لم يخبرنا بذلك فبالتالي لا سبيل لنا إلى معرفة ذلك في هذه الحياة الدنيا.


١ شرح أصول اعتقاد أهل السنة ٣/٣٩٨, الأسماء والصفات للبيهقي ص٤٠٨.
٢ المصدران السابقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>