للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لعنه مع إصراره على الشرب لكونه يحب الله ورسوله، مع أنه صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة، لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وآكل ثمنها" ولكن لعن المطلق لا يستلزم لعن المعين الذي قام به ما يمنع من لحوق اللعنة به، وكذلك التكفير المطلق والوعيد المطلق، ولهذا كان الوعيد المطلق في الكتاب والسنة مشروطا بثبوت شروط وانتفاء موانع"١.

وقد ورد عن إبراهيم النخعي أنه قيل له: ما ترى في لعن الحجاج؟ فقال: "لا تسمع إلى قوله تعالى: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}

وسئل الإمام أحمد قيل له: الرجل يذكر عنده الحجاج أو غيره فيلعنه، قال: "لا يعجبني، لو عبر فقال: ألا لعنة الله على الظالمين".

ومثله ورد عن الحسن البصري وابن سيرين كما ذكر الخلال٢.

فهذه الأدلة والروايات تدل على أن التكفير المطلق لا يستلزم التكفير المعين.

ثالثا: تكفير المعين

المعين من الناس ممن ثبت إسلامه بيقين لا يزول عنه بالشك والظن، وإنما يكفر بعد أن تقوم عليه الحجة وتنتفي عنه الشبهة، لهذا حدد العلماء لإطلاق الكفر على المعين شروطا إذا وجدت فيه وانتفت الموانع المانعة من إطلاق الكفر فإنه يكفر ويحكم عليه به ويقام عليه به حد الكفر إذا لم يتب ويرجع.

وهذه الشروط والموانع قد استنبطها العلماء من الشرع وكلام السلف رحمهم الله.

أولا: الشروط

قد يقع المسلم في فعل كفري أو يقول قولا كفريا أو يعتقد اعتقادا كفريا إلا أننا لا نحكم بكفره إلا إذا تحققت فيه الشروط التالية:


١ مجموع الفتاوى ١٠/ ٣٢٩ – ٣٣٠.
٢ انظر السنن للخلال ١/٥٢٢-٥٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>