للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم إنما كانوا يخوضون ويلعبون بل بين أنهم كفروا بذلك الفعل وأن العذر في هذا ليس عذرا مقبولا١.

٢ - قيام الحجة ووضوحها لمن قال أو عمل بالكفر.

الكفر لا يثبت على المعين ما لم تقم عليه الحجة التي إن خالفها كفر، يدل على ذلك قوله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء١١٥] . وقال عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة١١٥] .

قال قوام السنة الأصبهاني على هذه الآية: "فكل من هداه الله عز وجل ودخل في عقد الإسلام، فإنه لا يخرج إلى الكفر إلا بعد البيان"٢، وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء١٥] .

فهذه الآيات بعمومها تدل على أنه لا يكفر من المسلمين إلا من بلغته الحجة ووضحت له بحيث خالفها عنادا وتكبرا أو رفضا للحق وردا له. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة"٣.

وهذا مثل من أنكر ما ثبت بالإجماع أو التواتر أو أنكر صفة من صفات الله عز وجل, هذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ويفهمها ثم يردها عنادا وتكبرا وردا للحق وعدم قبول له.


١ انظر الصارم المسلول على شاتم الرسول, ص٥١٦ – ٥١٧, ضوابط التكفير ص: ٢١٣.
٢ الحجة في بيان المحجة ٢/٥١١.
٣ الرد على البكري، ص ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>