للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الناس، الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله فنحن نقولها" فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة: فقال: يا صلة تنجيهم من النار، ثلاثا" ١.

فهذا فيه دليل على أن الإنسان يعذر بالجهل٢.ولكن العلماء يفرقون هنا في مسألة الجهل بين ما يعذر بجهله الإنسان وما لا يعذر، والحالات التي يعذر الإنسان فيها بالجهل.

فأما ما كان معلوما من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة وفرائض الإسلام وتحريم الزنا والخمر ونحوها فهذا لا يعذر الإنسان بجهلها فمن أنكرها فقد كفر إلا أن يكون بعيدا عن الأمصار يعيش في البوادي مما يدل على أنه لم يبلغه العلم, أو يكون حديث عهد بإسلام لم يعلمه أحد شرائع الإسلام فهذا يعذر بجهله ولا يكفر حتى تبين له الحجة ويعلم الحق٣.

أما ما خفي من المسائل والأحكام الشرعية فإن الإنسان لو أنكرها جهلا فإنه يعذر بذلك ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة مثل رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة، أو حوض النبي صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك مما قد يخفي على الإنسان.

٢ - المتأول لشبهة عرضت له:

مما يدرأ التكفير عن المعين أن يكون متأولا فيما وقع فيه من كفر لشبهة عرضت له، فهذا لا يكفر حتى يبين له خطأه حتى ترتفع شبهته في المسألة فهو كالمجتهد المخطئ وذلك مثل أهل البدع من الخوارج والجهمية والمعتزلة وغيرهم فإن أعيانهم لا يكفرون لوجود الشبهة المانعة لهم من قبول الحق فإن الخوارج استباحوا


١ ابن ماجه، الفتن, رقم ٤٠٤٩ وقال البوصيري هذا إسناد صحيح.
٢ انظر مجموع الفتاوى ٣/٢٣١، مدارج السالكين ١/٣٣٨،٣٣٩.
٣ انظر مجموع الفتاوى ٦/٦١ ١١/٤٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>