للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستقدام قوانين اليهود والنصارى وإلزام المسلمين بالتحاكم إليها.

فالقول فيه وفق الضوابط السابقة بأن من حكم بغير ما أنزل الله وذلك بالقوانين الوضعية ونحوها ويرى أنه يجوز له ذلك أو أنها أفضل من شرع الله أو أن شرع الله لا يصلح لهذا الزمان فهذا لا شك أنه كفر مخرج من الملة،وهذا حكم مطلق على من فعل ذلك بهذه النية،لكن الشخص المعين سواء كان الحاكم أو القاضي أو أحد أفراد الهيئة التشريعية أو نحو ذلك فإننا لا نحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة وتتضح له المحجة وتنتفي عنه الموانع من الجهل والإكراه والتأويل، فعندها يمكن الحكم بكفره. وما لم يكن كذلك فإننا لا نحكم بكفره، وهنا مسائل:

أولاً: هل يجوز الخروج على الحكام إذا حكموا بغير ما أنزل الله؟

أما إذا لم نحكم بكفر الحاكم فلا يجوز الخروج عليه, قال النووي رحمه الله: وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين ١.

قال الطحاوي رحمه الله: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمرنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يداً من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة ٢.

وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة بناءً على ما ورد من الأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك منها رواية ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية" ٣.

وعن عوف بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم"، فقالوا: يا رسول الله أفلا ننابذهم


١ شرح النووي على مسلم ١٢/٢٢٩.
٢ شرح الطحاوية ص ٣٧٩.
٣ أخرجه البخاري، انظر: فتح الباري ١٣/١٢١، مسلم بشرح النووي ١٢/٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>