للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن أكره على قول كفري من سب الله أو رسوله أو دينه أو نحو ذلك أو فعل كفري كالسجود لمخلوق أو نحوه فإنه لا يكفر بذلك.

قال شيخ الإسلام: "وإما إذا أكره الرجل على ذلك -يعني السجود لمخلوق- بحيث لو لم يفعله لأفضى إلى ضربه أو حبسه أو أخذ ماله،الذي يستحقه من بيت المال ونحو ذلك من الضرر فإنه يجوز عند أكثر العلماء, فإن الإكراه عند أكثرهم يبيح الفعل المحرم كشرب الخمر ونحوه وهو المشهور عن أحمد وغيره،ولكن عليه مع ذلك أن يكرهه بقلبه،ويحرص على الامتناع منه بحسب الإمكان، ومن علم منه الصدق أعانه الله تعالى. وقد يعافى ببركة صدقه من الأمر بذلك. وذهب طائفة إلى أنه لا يبيح إلا الأقوال دون الأفعال, ويروى ذلك عن ابن عباس, ونحوه قالوا: إنما التقية باللسان, وهي الرواية الأخرى عن أحمد"١.

فمن هنا يتبين لنا أن تكفير المعين من الأشخاص لا يتم إلا بعد أن تقام عليه الحجة وتزال عنه الشبهة وتنتفي الموانع المانعة من تكفيره، فعندها يحكم عليه بالكفر ويعامل بما يستحق ذلك وهذا كله احتياطات شرعية من أن يقصد المعين بهذا الحكم الخطير وهو لا يستحق ذلك أو ذاهل عنه.

مسألة: موقف المسلم من الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله عز وجل

سبق أن بينا ضوابط التكفير لدى أهل السنة، وهي ضوابط عامة يدخل فيها الحاكم والمحكوم، والرئيس والمرؤوس، فمن كان من حكام المسلمين مسلماً فلا يجوز تكفيره بعينه إلا وفق الضوابط التي ذكرناها من تحقق الشروط وانتفاء الموانع.

ومن كان منهم كافراً أصلياً فالواجب الحكم بكفره كأن يكون يهودياً أو نصرانياً أو من هو في حكمهم من الباطنيين ونحوهم.

وكذلك القول فيهم فيما يتعلق فيما يتعاطونه من الحكم بغير ما أنزل الله عز وجل


١ مجموع الفتاوى المصرية ١/٥٦ وانظر منهج ابن تيمية في مسألة التكفير ١/٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>