للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت أقول للجهمية من الحلولية١،والنفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش،لما وقعت محنتهم: أنا لو وافقتكم كنت كافرا، لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون، لأنكم جهال. وكان هذا خطابا لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم, وأصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم مع قصور عن معرفة المنقول الصحيح والمعقول الصريح الموافق له"٢.

هذا في التأويل لشبهة وقعت للمؤول منعته من قبول الحق ولا يلتحق بذلك من تستر بالتأويل وجحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة،كتأويل الملاحدة ما لا يمكن تأويله من الشرائع والمعاد الأخروي والجنة والنار، فهذا كفر لا شك فيه ومن وقع في ذلك فهو كافر خارج من الإسلام، وإنما الحديث هنا في الذي يقوم بشرائع الإسلام ولم يكن مقصده تكذيب الله ورسوله فيما تأوله مما يخالف الحق٣.

ولا يعني عدم تكفير من هذا حاله أنه ليس مخطئا ولا يعني أنه غير مذنب، بل هو على خطر عظيم في بدعته، وذنبه في ذلك على قدر بعده عن الحق، وإعراضه عن وسائل معرفة الحق من الكتاب والسنة التي أمر المسلمون بالالتزام بهما والأخذ بمضمونهما والإعراض عما يخالفهما،ولهذا يذم أهل البدع والانحراف من الخوارج والجهمية والمعتزلة والقدرية والأشعرية وغيرهم.

٣ - الإكراه

الإكراه على القول أو الفعل الكفري لا يكون كفرا على الصحيح لقول الله عز وجل: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل١٠٦] .


١ يقصد بالحلولية الذين يقولون إن الله في كل مكان.
٢ الرد على البكري، ص:٢٥٩.
٣ انظر مجموع الفتاوى ٣/ ٢٨٢-٢٨٨، إيثار الحق على الخلق، ص: ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>