للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإشاعة الخوف والفتن،فهذا الحسين رضي الله عنه خرج على يزيد فكاد بفعلته أن تستأصل شأفة أهل البيت،وخرج أهل المدينة على يزيد فأدى ذلك إلى قتلهم والقضاء على بقية الصحابة الذين في المدينة ولم يسلم منها إلا من اعتزلهم كابن عمر وزين العابدين علي بن الحسين ومحمد بن الحنفية وقلائل آخرين.

ومحمد بن الأشعت خرج على الحجاج فقتل من جيشه وجيش الحجاج الآلاف من المسلمين ثم شرد هو ثم قتل طريداً, ولم يتوصل إلى ما قصد وهكذا سائر الحوادث من هذا الجنس.

وما حدث في هذه العصور دليل وبرهان فما حدث للمسلمين في سوريا أو في مصر وفي الجزائر, وغيرها من سائر البلدان من سفك الدماء وإشاعة الخوف والفتن مما كان الناس منه في عافية، لولا تلك التصرفات الرعناء ممن لم يعرفوا حقيقة معتقد أهل السنة وما فيه من الرحمة في هذا الباب،وصدق الحسن البصري رحمه الله حيث قال لما جاءه جماعة أيام يزيد ابن المهلب, فأمرهم الحسن أن يلزموا بيوتهم ويغلقوا عليهم أبوابهم، ثم قال: والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم, وذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلوا إليه, ووالله ما جاءوا بيوم خير قط, ثم تلا قوله: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} ١.

فلهذه الأمور كلها فإن الواجب على المسلمين إذا كان الحاكم كافراً وليس لهم القدرة التي يغلب على ظنهم بها الغلبة فإنهم لا يجوز لهم الخروج على ذلك الحاكم.

وفي هذا المعنى جاء كلام مشايخنا الفضلاء منهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حيث سئل عن الموقف من الحكام العصاة فأجاب بتحريم الخروج


١ أخرجه الآجري في الشريعة ١/١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>