فالمرجئة زعموا أن الإيمان شيء واحد وهو التصديق أو القول والتصديق أو القول، وهذا عندهم شيء واحد لا يتجزأ، فلو زال بعضه لزال كله، فلو زال بعض الإيمان وهو التصديق لصار شكاً وذلك كفر.
وكذلك قال المعتزلة والخوارج أن الإيمان كل لا يتجزأ فهو قول واعتقاد وعمل، ولو زال جزء منه سواء من القول أو الاعتقاد أو العمل زال المسمى كله فلا يسمى إيماناً، وإنما يسمى كفراً، كما هو عند الخوارج،أو منزلة بين المنزلتين كما هو عند المعتزلة.
والحق خلاف قولهم جميعا، فإن الإيمان مركب من ثلاثة أشياء، وهو القول والاعتقاد والعمل، وزوال جزء منه لا يزيل مسماه ما لم يكن في ذلك الجزء هو الأصل الذي يبنى عليه الدين كله. وذلك مثل الشجرة فإنها مكونة من جذور وساق وأغصان أوراق فلو زال جزء من الأغصان أو الأوراق فإنها تبقى على اسمها ولا يزول عنها الاسم بزوال الجزء، ولكنها توصف بالنقص.
وكذلك سائر المركبات من المكيلات والموزونات لو زال منها جزء فإنها لا تفقد مسماها، وإنما تفقد كمالها، فكذلك الإيمان زوال جزء منه لا يزيل مسماه، وإنما يزيل عنه وصف الكمال فقط ١. والله أعلم.
١ مسائل الإيمان للقاضي أبي يعلى ص٣٦٥، جامع العلوم والحكم لابن رجب ص٤٣