فنجد أن الله حد الحدود في الزاني البكر الجلد، وفي الثيب الرجم، وفي شارب الخمر الجلد، وفي السارق القطع. والنبي صلى الله عليه وسلم نفذ هذه الحدود فيمن ارتكب شيئاً من المنهيات، ولم يقتل إلا من كان حده القتل، وكذلك فعل أصحابه رضوان الله عليهم. فهذا دليل واضح على أنه لا يخرج من الإسلام ولا يكفر.
٢أن الله جل وعلا قد أثبت الإيمان لبعض العصاة في مثل قوله عز وجل:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات٩] .
فوصفهم بالإيمان في حال القتال، وهذا يدل على أنهم لا يخرجون بذلك من الدين. وكذلك قال صلى الله عليه وسلم في كلامه عن الحسن بن علي رضي الله عنه:"إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".١
فوصفهم بالإسلام مع وقوع القتال بينهم، مما يدل على عدم خروجهم من الإسلام.
٣أنهم في الآخرة تحت المشيئة داخلون تحت عموم قوله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء٤٨] .
كما ثبت في أحاديث كثيرة خروج أناس كثير من العصاة من النار، كما أن أحاديث الشفاعة تدل على أنه لا يخلد في النار إلا الكفار، فلو كان مرتكبو الكبائر كفاراً كفراً أكبر لكانوا من الخالدين في النار، وفي هذا كفاية ومقنع لمن هداه الله.
وقبل أن نختم الكلام في هذه المسألة نشير إلى أمر مهم اشترك فيه سائر المخالفين للسلف في الإيمان وهو:
أنهم زعموا أن الإيمان كل لا يتجزأ إذا ذهب بعضه ذهب كله.