للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: أدلة المعتزلة.

الأدلة التي استدل بها المعتزلة وفيها نفي الإيمان عن مرتكبي بعض الأعمال، فليس المراد بنفي الإيمان أنه لم يبق معه شيء من الإيمان، وإنما هو نفي لكماله الواجب الذي يعرض تاركه للعقوبة، فقوله: "لا إيمان لمن لا أمانة له" يعني أنه فاقد للجزء المهم من الإيمان الذي بفقده يصبح صاحبه كأنه خال منه، وهو مثل صانع يصنع عملاً لأحد،إلا أنه لم يحسنه فيقال له: ما صنعت شيئاً، أو مثل طالب العلم يذهب ليتعلم العلم ثم لم يحسن التعلم فجاء علمه قليلاً ضعيفا فيقال عنه إنه لم يتعلم شيئاً، ولا يعني ذلك نفي الصفة ولا نفي العلم بتاتاً، وإنما يعني نفي حقيقته، ونفي الشيء الذي به يستحق أن يوصف به.

فكذلك الإيمان إذا وقع صاحبه في تلك الذنوب، إنما ينفي عنه حقيقته وإخلاصه، الذي لو كان موجوداً عنده لعصمه وأبعده عن تلك الموبقات والمحرمات.١ والله أعلم.

الوجه الثاني: وهو في بيان أن المعاصي لا تزيل الإيمان ولا توجب كفر فاعلها:

أجمع أهل السنة على أن المعاصي لا توجب الكفر واستدلوا لذلك بعدة أدلة:

١ - أنه لو كان كفراً مخرجاً من الملة لكانوا بذلك مرتدين،ووجب قطع نكاحهم وتوارثهم، ولوجب قتلهم لردتهم. وهذا كله لم يقع من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحكم الله بذلك


١ انظر الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام ص٩٠ - ٩٨، مسائل الإيمان للقاضي أبي يعلى ص٣٧٧، شرح مسلم للنووي ٢/٤١، فتح الباري ١٢/٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>