للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا دليل على أن النفاق منه ما يكون أكبر، وهو النفاق في الإيمان بأن يظهر الإيمان ويبطن الكفر، ومنه ما هو دون ذلك، وهو أن يكون فيه من أخلاق المنافقين.

ومن هذا الباب لفظ الكفر، فقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الكفر على بعض الأعمال، وفسره بغير الكفر بالله، وذلك في قوله عليه الصلاة والسلام فيما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط" ١ ومما يدل على هذا المعنى ماروى ابن جرير بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة٤٤] قال: هي به كفر، وليس كفراً بالله وملائكته وكتبه ورسله. وروي عنه أنه قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق.

وروي عن عطاء أنه قال في الآية كفر دون كفر، فسق دون فسق، وظلم دون ظلم. ومثله قال طاووس، وهو ما رجحه ابن جرير.٢

وهو ما يشير إليه صنيع النووي في تبويبه لصحيح مسلم، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وما رجحه شارح الطحاوية،وهو أرجح الأقوال في جواب الأحاديث التي وصفت بعض الذنوب بالكفر ٣.والله أعلم.


١ أخرجه البخاري في الإيمان. انظره مع الفتح ١/٨٣.
٢ تفسير ابن جرير ١/٣٥٥ - ٣٥٨.
٣ شرح النووي على مسلم ٢/٥٧، مجموع الفتاوى ٧/٥٢٤، شرح الطحاوية ص٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>