إنّ لسنّة رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم أهميّة بالغة لا تخفى على ذي لبّ؛ إذ هي الحافظة لأقوال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم وأفعاله وتقريراته وصفاته الخَلقيّة والخُلُقية، المبيّنة لمجمل القرآن، المفسّرة لمبهمه وغامضه ... ولهذا ولغيره اهتمّ أهل العلم في كلّ زمان وأوان بحفظها، والعناية بها، وحرصوا أن يسلكوا كلّ السبل الممكنة حتّى يتحصّل لهم ما قصدوه وأرادوه، ومن ذلك تأليفهم وتصنيفهم في جمع الفوائد الحديثيّة عن الشّيوخ، وتخريجها ...
وتبرز أهميّة هذا النوع من التأليف في خدمة السّنّة النّبويّة في نقاط عدّة أُجمل أهمّها، وأبرزها فيما يلي:
أوّلاً: جميع أحاديثها مرويّة بالسّند إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم ووجود السّند له أهميّته، ومكانته في قيمة الكتاب العلميّة، ووجوده وسيلة لمعرفة صحيح الحديث من سقيمه، وقويّه من ضعيفه، وما يترتّب على ذلك.
والسّند خصيصة من خصائص هذه الأمّة دون سواها من الأمم، والمحدّثون هم أسبق النّاس عناية واهتماماً به.
ثانيا: مادّتها منتقاة من أصول الشّيوخ المرويّة عنهم ومسموعاتهم، والانتقاء لا يكون إلاّ لما يُرَى أنّ فيه فائدة لا توجد عند غير ذلك الشّيخ (١) .
(١) انظر: فوائد يحيى بن معين (ص/١٥٥) ، والجامع للخطيب (٢/٢١٩- ٢٢٠) ، والتّبصرة والتذكرة للعراقيّ (٢/٢٢٠،٢٣٣، ٢٣٤) ، وما تقدّم ص/١٠٨، وما بعدها.