اهتمّ المحدّثون بتدوين الفوائد، وإفرادها بالتّأليف من وقت مبكّر، وتوسّعوا فيه خصوصا في القرن الرّابع، والخامس الهجريّين، وحرصوا على سماعها، وإسماعها، ولم أقف فيما اطّلعت عليه من كتبهم، ومصنّفاتهم على من تحدّث عن الغرض من جمعها، وطريقة تصنيفها، ونوع أحاديثها، وتعريفها، وما إلى ذلك، وهذا بلا شكّ ليس تقصيرًا منهم، بل نتج عن عدم حاجتهم إلى ما تقدّمت الإشارة إليه، فهي بالنظر إليهم أمور تقع تحت حسّهم، وفي دائرة معارفهم.
ولكنه مع مرور الزّمن أخذ النّاس يبتعدون شيئا فشيئا عن سماع الحديث، وإسماعه، وانقطعت مجالس إملائه في أواخر القرن التّاسع تقريبا (١) وحرص من اهتمّ بالرّواية بعد ذلك على رواية الكتب المشهورة في الحديث، أو غيره من الفنون بالأجازة، لا بالقراءة أو السماع - في الغالب - وقلَّ الاهتمام بسماع المؤلّفات المسندة، ومنها: الأجزاء، والأمالي، والمجالس، والفوائد الحديثيّة، وغيرها.
وبعد عودة جيّدة للاهتمام بكتب التّراث الإسلاميّ في بقاع مختلفة من العالم الإسلاميّ، ومع ما وفّرته هذه الدّولة من جامعات إسلاميّة، ومكتبات عامرة بكنوز التّراث الإسلاميّ الّذي جُلب من بقاع شتّى، وفتح مجال الدّراسات العليا أمام طلاّب العلم، وتشجيعهم، وحفزهم على التّأليف، والتّحقيق؛ نظر أهل العلم وطلاّبُه في (كتب الفوائد الحديثيّة) وحاول عدد منهم تعريفها بما يتبادر إلى ذهنه من خلال قراءته، واطّلاعه عليها، وما يلحظه على أحاديثها ...